وقوله في حديث الرؤيا : أكلت منها كل ذات جمجمة ، وكل ، ذات نسمة . نصب كل أصح في الرواية ، وفي المعنى ؛ لأن الحممة نار ، فهي تأكل ، ولا تؤكل ، على أن في رواية الشيخ برفع كل ، ولها وجه ، لكن في حاشية كتابه أن في نسخة البرقي التي قرأها على ابن هشام : كل ذات ، بنصب اللام . وقوله : خرجت من ظلمة أي من ظلمة ، وذلك أن الحممة قطعة من نار ، وخروجها من ظلمة يشبه خروج عسكر الحبشة من أرض السودان ، والحممة : الفحمة ، وقد تكون جمرةً محرقة ، كما في هذا الحديث ، فيكون لفظها من الحميم ، ومن الحمى أيضاً لحرارتها ، وقد تكون منطفئة ، فيكون لفظها من الحمة ، وهي السواد ، يقال حممت وجه إذا سودته ، وكلا المعنيين حاصل في لفظ الحممة ههنا . وقوله : بين روضة وأكمة ؛ لأنها وقعت بين صنعاء وأحوازها . وقوله : في أرض تهمة أي : منخفضة ، ومنه سميت تهامة . وقوله أكلت منها كل ذات جمجمة ، ولم يقل كل ذي جمجمة ، وهو من باب قوله تعالى سبحانه : « ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وإنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْه شيء » فاطر . لأن القصد إلى النفس والنسمة ، فهو أعم ، ويدخل فيه جميع ذوات الأرواح ، ولو جاء بالتذكير ، لكان إما خاصاً بالإنسان ، أو عاماً في كل شيء حي أو جماد ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : تنح عني ، فإن كل بائلة تفيخ ، أي : يكون منها إفاخة ، وهي الحدث ، وقال النحاس : هو تأنيث الصفة والخلقة . وقوله : ليهبطن أرضكم الحبش هم : بنو حبش بن كوش بن حام بن نوح ، وبه سميت الحبشة . وقوله : ما بين أبين إلى جرش ذكره سيبويه بكسر الهمزة على مثل إصبع ، وجوز فيه الفتح ، وكذلك تقيد في هذا الكتاب ، وقال ابن ماكولا : هو أبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع من حمير ، أو من ابن حمير سميت به البلدة ، وقد تقدم قول الطبري أن أبين وعدن ابنا عدن ، سميت بهما البلدتان . وقوله : بغلام لا دني ولا مدن . الدني معروف ، والمدن الذي جمع الضعف مع الدناءة . قاله صاحب العين .