سبأ وسيل العرم : وذكر تفرق سبأ . والعرب تقول : تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ نصبا على الحال ، وإن كان معرفة في الظاهر لأن معناه : مثل أيدي سبأ والياء ساكنة فيه في موضع النصب ، لأنه صار بمنزلة اسمين جعلا اسماً واحداً مثل : معدي كرب ، ولم يسكنوها في ثماني عشرة ، لأنها متحركة في ثمانية عشر . فصل : وذكر سيل العرم ، وفي العرم أقوال : قيل : هو المسناة أي : السد وهو قول قتادة : وقيل : هو اسم للوادي ، وهو قول عطاء ، وقيل : هو الجرذ الذي خرب السد ، وقيل : هو صفة للسيل من العرامة ، وهو معنى رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وقال البخاري : العرم : ماء أحمر حفر في الأرض حتى ارتفعت عنه الجنتان ، فلم يسقهما ، حتى يبست ، وليس الماء الأحمر من السد ، ولكنه كان عذاباً أرسل عليهم . انتهى كلام البخاري . والعرب تضيف الاسم إلى وصفه ، لأنهما اسمان ، فتعرف أحدهما بالآخر . وحقيقة إضافة المسمى إلى الاسم الثاني ، أي : صاحب هذا الاسم كما تقول : ذو زيد أي . المسمى بزيد ، ومنه سعد ناشرة وعمرو بطة . وقول الأعشى : * ومأرب عفّى عليها العرم * يقوى أنه السيل . ومأرب بسكون الهمزة : اسم لقصر كان لهم ، وقيل : هو اسم لكل ملك كان يلي سبأ ، كما أن تبعا اسم لكل من ولي اليمن ، وحضرموت والشحر . قاله المسعودي . وكان هذا السد من بناء سبأ بن يشجب بن يعرب ، وكان ساق إليه سبعين وادياً ، ومات قبل أن يستتمه ، فأتمته ملوك حمير بعده ، وقال المسعودي : بناه لقمان بن عاد ، وجعله فرسخاً ، وجعل له ثلاثين مثقباً . وقول الأعشى : * إذا جاء موّاره لم يرم * من قوله تعالى : « يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً » فهو مفتوح الميم ، وبعضهم يرويه مضموم الميم ، والفتح : أصح . ومنه قولهم : دم مائر أي : سائل . وفي الحديث : أمر الدم بما شئت أي أرسله ، ورواه أبو عبيد أمر بسكون الميم ، جعله من مريت الضرع . والنفس إلى الرواية الأولى أميل من طريق المعنى ، وكذلك رواه النقاش ، وفسره . وقوله : لم يرم ، أي لم يمسكه السد حتى يأخذوا منه ما يحتاجون إليه . وقوله : فأروى الزروع وأعنابها أي : أعناب تلك البلاد ، لأن الزروع لا عنب لها . وأنشد لأمية بن أبي الصلت : من سبأ الحاضرين مأرب إذ * يبنون من سيله العرما وهذا أبين شاهد على أن العرم هو السد ، واسم أبي الصلت : ربيعة بن وهب بن علاج الثقفي وأمه : رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف .