لم يجز رفعه ؛ لأنه حال ، ولو لفظت بالمصدر ، فقلت : ساروا سيراً رويداً لجاز أن تقول فيما لم يسم فاعله : سير عليه سير رويد هذا كله معنى قول سيبويه ، فدل على أن حكمه إذا لفظ به غير حكمه إذا حذف ، والسر في ذلك أن الصفة لا تقوم مقام المفعول إذا حذف . لا تقول : كلمت شديداً ، ولا ضربت طويلاً ، يقبح ذلك إذا كانت الصفة عامةً ، والحال ليست كذلك ؛ لأنها تجري مجرى الظرف ، وإن كانت صفةً فموصوفها معها ، وهو الاسم الذي هي حال له ، ومن هذا الباب قوله تعالى : « أفَحَسِبْتُمْ أنَّمَا خَلَقْنَاكُم عَبَثاً » المؤمنون . وذكر بعث جرير البجلي إلى هدم ذي الخلصة ، وذلك قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشرين أو نحوهما ، قال جرير : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائة وخمسي راكباً من أحمس إلى ذي الخلصة ، فقلت : يا رسول الله إني لا أثبت على الخيل ، فدعا لي ، وقال : اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً وفي كتاب مسلم في هذا الحديث : وكان يقال له : الكعبة اليمانية والشآمية ، وهذا مشكل ، ومعناه : كان يقال : الكعبة اليمانية والشآمية يعنون بالشآمية : البيت الحرام ، فزيادة له سهو ، وبإسقاطه يصح المعنى . قاله بعض المحدثين والحديث في جامع البخاري بزيادة : له كما في صحيح مسلم ، وليس هذا عندي بسهو ، وإنما معناه كان يقال له : أي يقال من أجله الكعبة الشآمية للكعبة ، وهو الكعبة اليمانية ، وله بمعنى من أجله لا تنكر ، كما قال ابن أبي ربيعة : وقميرٌ من آخر الليل قد لا * ح ، له قالت الفتاتان قوما وذو الخلصة بضم الخاء واللام في قول ابن إسحاق ، وبفتحهما في قول ابن هشام ، هو صنم سيعبد في آخر الزمان ، ثبت في الحديث أنه : لا تقوم الساعة حتى تصطفق أليات نساء دوس وخثعم حول ذي الخلصة . فصل : وذكر المستوغر بن ربيعة ، واسمه : كعب . قال ابن دريد : سمي مستوغراً بقوله : ينشّ الماء في الرّبلات منه * نشيش الرّضف في اللّبن الوغير والوغير : فعيل من وغرة الحر وهي شدته ، وذكر القتبي أن المستوغر حضر سوق عكاظ ، ومعه ابن ابنه ، وقد هرم ، والجد يقوده ، فقال له رجل : ارفق بهذا الشيخ ، فقد طال ما رفق بك ، فقال : ومن تراه ؟ فقال : هو أبوك أو جدك ، فقال : ما هو إلا ابن ابني ، فقال : ما رأيت كاليوم ! ولا المستوغر بن ربيعة ! فقال : أنا المستوغر . والأبيات التي أنشدها له : ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد السنين مئينا إلى آخره . ذكر أنها تروى لزهير بن جناب الكلبي ، وهو زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة