سمع مثله نداء : فرجع إلى خديجة ، فقال : زملوني زملوني ، فوالله لقد خشيت على عقلي . قالت : كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت خديجة حتى أتت ورقاء بن نوفل ، وحكت له . فقال ورقاء : هذا والله الناموس الذي أنزل الله على موسى وعيسى ، وإني أرى في المنام ثلاث ليال ان الله أرسل في مكة رسولا اسمه محمد ، وقد قرب وقته ، ولست أرى في الناس رجلا أفضل منه . فخرج ( عليه السلام ) إلى حراء فرأى كرسيا من ياقوتة حمراء مرقاة من زبرجد ومرقاة من لؤلؤ ، فلما رأى ذلك غشي عليه . فقال ورقاء : يا خديجة إذا أتته الحالة فاكشفي عن رأسك ، فإن خرج فهو ملك ، وإن بقي فهو شيطان . فنزعت خمارها فخرج الجائي ، فلما اختمرت عاد . فسأله ورقاء عن صفة الجائي ، فلما حكاه قام وقبل رأسه وقال : ذاك الناموس الأكبر الذي نزل على موسى وعيسى . ثم قال : أبشر إنك أنت النبي الذي بشر موسى وعيسى وإنك نبي مرسل ستؤمر بالجهاد ، ثم توجه نحوها وأنشأ يقول : فإن يك حقا يا خديجة فاعلمي * حديثك إيانا فأحمد مرسل وجبريل يأتيه وميكال معهما * من الله وحي يشرح الصدر منزل يفوز به من فاز عزا لدينه * ويشقى به الغاوي الشقي المضلل فريقان منهم فرقة في جنانه * وأخرى بأغلال الجحيم تغلل [1] . وقد كان قال خزيمة بن حكيم النهدي قبل ذلك : ويعلو أمره حتى تراه * يشير اليه أعظم ما مشير