أخذتها منها سرا لتمام المائتين دينار ، وكنت سألتها ذلك ولم تعطني وقالت : إني أريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان . فذكر مولاي أنه قدم المدينة فسأل عن أبي الحسن فقيل له انه قد خرج إلى مكة ، فأسرع في السير ، فقال : والله إني لأسير من المدينة إلى مكة في ليلة مظلمة لهاتف يهتف بي : يا مبارك يا مبارك مولى شعيب العقرقوفي . قلت : أيش أنت ؟ قال : أنا معتب ، يقول لك أبو الحسن : هات الكتاب الذي معك ووافني بما معك إلى منى . قال : فنزلت من محملي فدفعت إليه الكتاب ، وصرت إلى منى فدخلت عليه وصببت الدنانير عنده ، فجر بعضها إليه ودفع بعضها بيده ثم قال لي : يا مبارك ادفع هذه الدنانير إلى شعيب وقل له : يقول لك أبو الحسن ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه فإن صاحبتها تحتاج إليها . قال : فخرجت من عنده وقدمت على شعيب وقلت له : قد رد عليك من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا وهو يقول لك : ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه ، فما قصة هذه الدنانير فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم ؟ فقال : يا مبارك إني طلبت من أختي فاطمة خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير فامتنعت وقالت أريد أشتري قراح [1] فلان بن فلان ، فأخذتها سرا ولم ألتفت إلى كلامها . قال شعيب : فدعوت بالميزان فوزنتها فإذا هي خمسون دينارا لا تزيد ولا تنقص . فقال : والله لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا . قال شعيب : فقلت : هو والله لتمام فرض الله لطاعته وهكذا صنع والله بي أبو عبد الله ( عليه السلام ) [2] . الإمام الكاظم ( عليه السلام ) / نبذ من كلامه وقال علي بن أبي حمزة : قال لي أبو الحسن ( عليه السلام ) مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ : يا علي يلقاك غدا رجل من أهل المغرب يسألك عني فقل له هو والله الإمام الذي قال لنا أبو عبد الله عنه ، وإذا سأل عن الحلال والحرام فأجبه عني . قلت : ما علامته ؟ قال : رجل طوال جسيم اسمه يعقوب ، وهو رائد قومه ، وإن أحببت أن
[1] القراح : الأرض لا ماء فيها ولا شجر ، جمع أقرحة . [2] المناقب لابن شهرآشوب : ج 4 ص 294 .