منزل ولا عشيرة أنا مسلم بن عقيل . قالت : ادخل . فدخل بيتا في دارها غير البيت الذي تكون فيه ، وعرضت عليه العشاء فلم يتعش . وجاء ولدها فرآها تكثر دخول البيت فرابه ذلك ، فسألها وشدد عليها في السؤال فعرفته بخبر مسلم بن عقيل بعد أن أخذت عليه العهود والمواثيق أن لا يشعر بذلك أحدا . فلما أصبح مضى إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وأخبره بمكان مسلم بن عقيل عند أمه ، فأخبر عبد الرحمن أباه وهو عند ابن زياد ، فعرف ابن زياد سرارة . فقال له : قم فاتني به الساعة . فقام وبعث معه قومه مع عبد الله بن عباس السلمي وكانوا سبعين رجلا من قيس حتى أتوا الدار التي فيها مسلم بن عقيل . فلما سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال علم أنه قد اتي ، فخرج إليهم بسيفه ، واقتحموا عليه الدار ، فشد عليهم وضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار ، ثم عادوا فشد عليهم كذلك ، فاختلف هو وبكر بن حمران الأحمري بضربتين ، فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العليا وأسرع السيف في السفلى وفصلت ثنيتاه ، وضربه مسلم في رأسه ضربة منكرة وثناه بأخرى على حبل العاتق كادت تطلع على جوفه . فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت وأخذوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطنان القصب ثم يلقونها عليه من فوق البيت . فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة . فقال له محمد بن الأشعث : لك الأمان لا تقتل نفسك . وهو يقاتلهم ويقول : أقسمت لا اقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا ويخلط البارد سخنا مرا * رد شعاع الشمس فاستقرا كل امرئ يوما يلاقي شرا * أخاف أن أكذب أو أغرا فقال له محمد بن الأشعث : إنك لا تكذب ولا تغر ولا تخدع ، إن القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك . وكان قد أثخن بالحجارة وعجز عن القتال ، فانتهز وأسند ظهره