يقول : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " والرائد لا يكذب أهله ، وكفى بالله شهيدا . ثم إنها صلوات الله عليها نهضت فعطفت على قبر أبيها صلى الله عليهما وطافت به ، وتمثلت بشعر هند ابنة إبانة ، وقد يقال إنها القائلة له : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب [1] إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * فاختل لأهلك واحضرهم فقد نكبوا [2] تجهمتنا رجال واستخف بنا * أهل النفاق ونحن اليوم نغتصب [3] أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب [4] فكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغبت عنا فكل الخير محتجب فقد رزينا بما لم يرزه أحد * من البرية لا عجم ولا عرب [5] فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بتهمال لها سكب ووصلت ذلك بأن قالت : قد كنت ذات حمية ما عشت لي * أمشي البراح وأنت كنت جناحي فاليوم أخضع للذليل وأتقي * منه وادفع ظالمي بالزاح وإذا بكت قمرية شجنا لها ليلا * على غصن بكيت صباحي ثم انحرفت إلى مجلس الأنصار وقالت : معاشر البقية وأعضاد الملة [6] وحضنة
[1] الهنبثة : واحدة الهنابث ، وهي الأمور الشداد المختلفة . والهنبثة : الاختلاط في القول . والخطب بالفتح : الأمر الذي تقع فيه المخاطبة ، والشأن والحال . [2] الوابل : المطر الشديد . ونكب فلان عن الطريق : أي عدل ومال . [3] التجهم : الاستقبال بالوجه الكريه . [4] بدا الأمر بدوا : ظهر ، وأبداه : أظهره . والنجوى : الاسم من نجوته إذا ساررته ، ونجوى صدورهم : ما أضمروه في نفوسهم من العدواة ولم يتمكنوا من إظهاره في حياته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وحال الشئ بيني وبينك : أي منعني من الوصول إليك . [5] الرزء بالضم مهموزا : المصيبة بفقد الأعزة . [6] الأعضاد : جمع عضد بالفتح : الأعوان ، يقال : عضدته كنصرته لفظا ومعنى .