لي مع أبي ! وتحتج بقول لم يقله ولا سمعه أحد منه ، ونحن حضنة علمه ، وعارفو سره وعلانيته ، أفخصكم الله بآية دوننا أخرجنا الله منها ؟ ! أم تقولون إنا أهل ملتين لا نتوارث ؟ ! أم أنت أعلم بمخصوص القرآن منا ؟ ! أبى الله ذلك ورسوله وصالح المؤمنين ، قد علمنا أن نبوة محمد لا تورث وانما يورث ما دونها . إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد ملكني فدك في حياته تمليكا صحيحا شرعيا لا شرط فيه ولا رجعة ولا مثنوية ، ولم تزل في يدي أحكم فيها برأيي ، وعلي وكيلي فيها ، والله شاهد بذلك علي ، فإن كنت لا تسمع قولي ولا تحفل بمقامي فالله حسبي وكهفي ورجاي ، وأقول كما قال نبي الله يعقوب : * ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) * [1] * ( أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) * [2] . إيه يا معاشر المسلمين أأبتز إرثيه من أبيه [3] ، أفي كتاب الله يا بن أبي قحافة أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! لقد جئت شيئا فريا [4] فدونكها مخطومة [5] مزمومة تلقاك يوم حشرك ونشرك ، ونعم الحكم الله ، ونعم الزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكل نبأ مستقر ، وسوف تعلمون . ثم صمتت ( عليها السلام ) لاستماع الجواب ، فقال أبو بكر : لقد صدقت كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، وعلى الكافرين عذابا أليما ، فإذا عزوناه وجدناه أباك وأخا خليلك دون الأخلاء ، آثره على كل حميم ، وساعده على الأمر الجسيم ، لا يحبهم إلا عظيم السعادة ، ولا يبغضهم إلا ردي الولادة ، أنتم آل رسول الله الطيبون ، وأهل بيته المنتجبون ، وخيرة الله المصطفون ، أما ما ذكرت من الميراث فقد دفعت إليكم ما خلفه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من آلة وأثاث وكراع ومنعتك ما سواه اتباعا لقوله حيث
[1] يوسف : 18 . [2] المائدة : 50 . [3] الهاء في " إرثيه " و " أبيه " للسكت كما جاء في سورة الحاقة " كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه " تثبت في الوقف وتسقط في الوصل . [4] اقتباس من سورة مريم : 27 ، أي أمرا منكرا قبيحا ، وهو مأخوذ من الافتراء بمعنى الكذب . [5] الخطام : كل ما يوضع في أنف البعير ليقاد به .