وهي تنتظر الثواب [1] . وقال ضرار : كأني بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو في محرابه ، قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين وهو يقول : يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت ، هيهات هيهات لا حان حينك ، قد أبنتك ثلاثا لا رجعة لي فيك : فعمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك يسير . آوه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق [2] . وقال ضرار أيضا : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : أعجب ما في الانسان قلبه ، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها فإن سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن مال به الطمع أهل له الحرص ، وإن ملكه القنوط قتله الأسف ، وإن عرض له الأسف اشتد به الغيظ ، وإن سعد بالرضا نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف فضحه الجزع ، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى ، وإن عضته فاقة فضحه الفقر ، وإن جهده الجوع أقعده الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة . فكل مقصر به مضر ، وكل إفراط له مفسد [3] . قال : وسمعته ذات يوم يوصي كميل بن زياد فقال له : يا كميل ذب عن المؤمن فان ظهره حمى الله ، ونفسه كريمة عليه ، وظالمه خصم الله ، فأحذركم ممن ليس له ناصر غير الله . وقال ( عليه السلام ) في الليلة التي ضربه فيها ابن ملجم لعنه الله بعد حمد الله عز وجل والثناء عليه والصلاة على نبيه ( صلى الله عليه وآله ) : كل امرء لاق ما يفر منه ، والأجل تساق النفس إليه ، والهرب منه موافاة ، كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله جل ذكره إلا إخفاءه ، هيهات علم مكنون . أما وصيتي : فالله لا تشركوا به ، ومحمد لا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العمودين ، حمل كل امرء منكم مجهوده ، وخفف عنكم الحملة رب رحيم ودين
[1] قريب منه في المعنى ما في نهج البلاغة : ص 106 خطبة 82 . [2] نهج البلاغة : ص 480 حكمة 77 مع اختلاف في بعض ألفاظها . [3] نهج البلاغة : ص 487 حكمة 108 مع اختلاف يسير .