فما بالنا أمس أسد العرين * وما بالنا اليوم شياء عجف [1] والقي في فسطاط الأشعث بن قيس الكندي رقعة فيها المكتوب : لئن لم يجل الأشعث اليوم كربة * من الموت عنا للنفوس تفلت ونشرب من ماء الفرات بسيفه * فهبنا أناسا قبل ذلك موتوا [2] فقرأها وأتى بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال له : اخرج في أربعة آلاف من الخيل حتى تهجم بهم وسط عسكر معاوية فتشرب وتسقي أصحابك أو تموتوا عن آخركم وأنا مسير الأشتر في خيل ورجالة وراءك . فسار الأشعث في أربع آلاف وهو يقول : لأوردن خيلي الفراتا * شعث النواصي أو يقال ماتا [3] . ثم سار الأشتر في أربعة آلاف وصاحب رايته يقول : يا أشتر الخير ويا خير النخع * وصاحب النصر إذا غم الفزع قد جزع القوم وغالوا بالجزع * إن تسقنا اليوم فما هي باليدع [4] ثم سار علي ( عليه السلام ) في باقي الجيش ، ومضى الأشعث فما رد وجه شئ حتى هجم على عسكر معاوية ، فزال أبا الأعور عن الشريعة وأورد خيله الفرات ، فارتحل معاوية عن الموضع ، وورد الأشتر وقد كشف الأشعث القوم عن الماء ، وورد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فنزل مكان معاوية . فقال معاوية لعمرو بن العاص : ما ظنك بالقوم أيمنعون الماء كما منعناهم ؟ فقال له عمرو : إن الرجل قد جاء لغير الماء . فبعث إليه معاوية يستأذنه في ورود الشريعة والاستقاء منها ، فأذن له في جميع ذلك .
[1] وقعة صفين : ص 164 - 165 ، مروج الذهب : ج 2 ص 375 . [2] وقعة صفين : ص 166 ، مروج الذهب : ج 2 ص 376 . وفي وقعة صفين : " تعنت " بدل " تفلت " و " شاء النجف " بدل " شيآء عجف " . [3] وقعة صفين : ص 179 مع اختلاف ، المناقب لابن شهرآشوب : ج 3 ص 168 . [4] وقعة صفين : ص 173 .