أدركت خطباء أهل الشام بواسط في زمن بني أمية ، وكان إذا مات لهم ملك وقام مقامه آخر قام خطيبهم فذكر القائم فيهم ثم ذكر علي بن أبي طالب فسبه ، فحضرت يوما في المسجد الجامع وقد قام خطيبهم فحمد الله وذكر القائم فيهم وذكر طاعتهم له وذكر علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فسبه ، فدخل ثور من باب المسجد فشق الصفوف حتى صعد المنبر فوضع قرنيه في صدر الخطيب وألزقه بالحائط وعصره فقتله ، ثم نزل فشق راجعا شقا وخرج لا يهيج أحدا ، فتبعوه إلى دجلة ، فنزلها وعبر ، فنزلوا في السفن وعبروا خلفه ليعاينوه أين يمضي ، فصعد من الماء وفقدوه [1] . وقال حريث ، عن داود بن الشليلي ، عن أنس بن مالك أنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يدخل من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال له : هم من شيعتك وأنت إمامهم [2] . وحدث عبد الكريم ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليلة عرج بي إلى ربي عز وجل وصرت إلى السماء الرابعة رأيت فيها قبة مجوفة من لؤلؤة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها ، ذات شرف ، بين كل شرفتين مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فدنوت من القبة فرأيت فيها سريرا من نور مرصعا بأنواع الجواهر ، وإذا علي بن أبي طالب على ذلك السرير ، فقلت : يا جبرائيل هذا علي قد سبقني ! قال : لا ، هذا ملك خلقه الله تعالى على صورة علي ( عليه السلام ) ، فإذا اشتاقت الملائكة إلى علي ( عليه السلام ) نظرت إلى هذا الملك ، فوالذي بعثك بالحق لو اجتمع أهل الأرض على محبته كما اجتمع أهل السماء لما عذب الله تعالى أحدهم بالنار . وقيل : لما بلغ الحارث بن النعمان الفهري قيام النبي ( صلى الله عليه وآله ) بغدير خم وأخذه بيد علي ( عليه السلام ) وقوله فيه : " من كنت مولاه فعلي مولاه " أتى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو في
[1] مناقب ابن المغازلي : ص 391 ح 445 . [2] مناقب ابن المغازلي : ص 293 ح 335 وفيه " داود بن سليك " بدل " داود بن الشليلي " .