الشبهة الثالثة : أن منصب الإمامة أعلى وأعظم من منصب القضاء والحسبة ، فأهل البيعة لما لم يتمكنوا من نصب القاضي والمحتسب ، فبأن لا يتمكنوا من نصب الإمام الأعظم أولى . الشبهة الرابعة : الإمام نائب الله تعالى ونائب رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونيابة الغير لا تحصل إلا بإذن ذلك الغير ، فوجب أن لا تثبت الإمامة إلا بنص الله ونص رسوله ، فثبت أن الإمامة لا تثبت إلا بالنص . الشبهة الخامسة : إن الإمام يجب أن يكون واجب العصمة ، وأن يكون أفضل الخلق كلهم ، وأن يكون أعلم الأمة كلهم ، وأن يكون مسلما فيما بينه وبين الله تعالى ، ولا اطلاع لأحد من هذا الخلق على هذه الصفات ، والله تعالى هو العالم بها ، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن لا يصح نصب الإمام إلا بالنص [1] . وقال أيضا في الكتاب المذكور : الفصل الخامس في بيان أفضل الناس بعد الرسول من هو ؟ مذهب أصحابنا أن أفضل الناس بعد رسول الله هو أبو بكر ، وهو قول قدماء المعتزلة ، ومذهب الشيعة أنه هو علي ( عليه السلام ) ، وهو قول أكثر المتأخرين من المعتزلة . أما أصحابنا فقد تمسكوا بقوله تعالى : * ( وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى ) * [2] وبقوله ( عليه السلام ) : " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر " وكل ذلك قد مضى تقريره في الفصل المتقدم . وأما الشيعة فقد احتجوا على أن عليا ( عليه السلام ) أفضل الصحابة بوجوه : الحجة الأولى : التمسك بقوله تعالى : * ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) * [3] وثبت بالأخبار الصحيحة أن المراد من قوله * ( وأنفسنا ) * هو علي ( عليه السلام ) [4] .
[1] كتاب الأربعين للفخر الرازي : لا يوجد لدينا هذا الكتاب . [2] الليل : 17 - 18 . [3] آل عمران : 61 . [4] مجمع البيان : ج 2 ص 453 ، تأويل الآيات الظاهرة : ص 118 .