كونوا فدى لكم نفسي وما ولدت * من دون أحمد عند الروع أتراسا [1] بكل أبيض مصقول عوارضه * تخاله في سواد الليل مقباسا [2][3] وقد أجمع أهل البيت ( عليهم السلام ) على أن أبا طالب ( رضي الله عنه ) مات مسلما ، وإجماعهم حجة على ما ذكر في غير موضع وسبب الشبهة في ذلك أن أمير المؤمنين عليا ( عليه السلام ) كان يعلن نفاق أبي سفيان ، فشكى معاوية ذلك إلى عمرو ومروان وعبد الله بن عامر فقالوا له : إن إسلام أبيه أخفى من نفاق أبيك فأظهر كفره ، فجعل يقول : إن أبا طالب مات كافرا ، وأمر الناس بذلك ، فصار سنة . والقرآن المجيد يدل على إيمانه في قوله عز وجل * ( إنما المشركون نجس ) * [4] فلو كان عبد الله وأبو طالب مشركين لكان محمد وعلي ابني نجسين ، وهما الطيبان الطاهران . وقال الله تعالى : * ( ولينصرن الله من ينصره ) * [5] قسم بلام التأكيد لناصره ، ولم يكن له ناصر سوى أبي طالب ، والله تعالى إنما ينصر المؤمنين لقوله : * ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) * [6] . واستفاض الخبر أن جبريل ( عليه السلام ) نزل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له : يا محمد إن الله يقرؤك السلام ويقول لك : اخرج من مكة فقد مات ناصرك [7] . تاريخ الطبري : لما نثرت التراب على رأس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جعل يقول : ما نالت قريش مني ما أكرهه حتى مات أبو طالب [8] ثم لم يستقر حتى خرج [ إلى ] الطائف . ومما يدل على إسلامه أيضا ما رثاه به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم
[1] الروع : الفزع ، والأتراس : جمع الترس بالضم : الجنة . [2] المقباس : ما قبست به النار . [3] المناقب لابن شهرآشوب : ج 1 ص 61 . [4] التوبة : 28 . [5] الحج : 40 . [6] الروم : 47 . [7] بحار الأنوار : ج 35 ص 158 باب 3 . [8] تاريخ الطبري : ج 2 ص 344 .