فقال أبو سفيان : يا أبا الفضل إن ابن أخيك قد كنف ملكا عظيما . فقال العباس : ويحك هذه نبوة . وأقبل العباس وأبو سفيان من أسفل الوادي يركض ، فاستقبلته قريش وقالوا له : ما وراءك ؟ وما هذا الغبار ؟ قال : محمد في خلق كثير ، ثم صاح : يا آل غالب البيوت البيوت ، من دخل داري فهو آمن . فعرفت هند زوجته فأخذت تطردهم ، ثم قالت : اقتلوا الشيخ الخبيث من وافد قوم وطليعة قوم . فقال لها : ويلك إني رأيت ذات القرون ، ورأيت فارس أبناء الكرام ، ورأيت ملوك بني كندة وفتيان حمير يسلمون آخر النهار ، ويلك اسكتي لقد والله جاء الحق وزهق الباطل وذهبت البلية . وقد كان عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ألا يقتلوا منها إلا من قاتلهم سوى عشرة : الحويرث بن نفيل بن كعب ومقيس بن صبابة وقرنية [1] المغنية قتلهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعبد الله بن خنطل قتله عمار وبريدة أو سعيد بن حبيب المخزومي ، وصفوان بن أمية هرب إلى جده فاستأمنه عبد الله بن وهب وأنفد إليه عمامة النبي ( عليه السلام ) وأسلم ، وعكرمة بن أبي جهل هرب إلى اليمن وأسلم ، وعبد الله ابن أبي السرج ، عرف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه في دار عثمان فأتى عثمان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) شافعا ، وسارة مولاة بني عبد المطلب وجدت مقتولة ، وهند دخلت دار أبي سفيان ، فتكلم أبو سفيان في بيعة النساء وعاونته أم الفضل وقرأت * ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات ) * فاقبل منهن البيعة ، وقرنبا [2] أفلتت واستؤمن لها فرمحها فرس في إمارة عمر . وكانت الراية يوم الفتح مع سعد بن عبادة ، فغلظ على القوم وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم ودخل وهو يقول : اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة
[1] كذا ، وفي البحار ( 21 : 131 ) : وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . [2] كذا ، وفي البحار : وقتل علي ( عليه السلام ) إحدى القينتين وأفلتت الأخرى .