علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فكان الشريك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الرأي ، ثم نماه النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى جماعة من بعد ، واستتب الأمر فيه على المراد . فسار ( عليه السلام ) حتى نزل من الظهران ، فقال العباس ( رضي الله عنه ) : هو والله هلاك قريش إن دخلها عنوة ، فركب بغلة النبي ( عليه السلام ) البيضاء ليطلب الحطابة أو صاحب لبن ليأمره أن يأتي قريش ليركبوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يستأمنون إليه ، إذ سمع أبا سفيان يقول لحكيم وبديل : ما هذه النيران ؟ قالا : هذه خزاعة . فعرف العباس صوت أبي سفيان ، فناداه وعرفه الحال ، وقال : فما الحيلة ؟ قال : تركب على عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فكان يجتاز على نار بعد نار حتى أتى به النبي ( عليه السلام ) واستأذنه ، فقال ( عليه السلام ) : أدخله . فدخل ، فقام بين يديه ، فقال له : ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . فتلجلج لسانه وعلي ( عليه السلام ) يقصده بسيفه والنبي ( صلى الله عليه وآله ) محدق بعلي ( عليه السلام ) . فقال له العباس : يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد الشهادتين . فأسلم اضطرارا . فقال له النبي ( عليه السلام ) : عند من تكون الليلة ؟ قال : عند أبي الفضل . فسلمه اليه . فلما أصبح سمع بلالا يؤذن . قال : ما هذا المنادي ؟ ورأى النبي ( عليه السلام ) وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات ، فقال : تالله ما رأيت كاليوم قط . فلما صلى النبي عليه وآله السلام قال : يا رسول الله أحب أن تأذن لي آتي قومك فأنذرهم وأدعوهم إلى الحق . فأذن له . فقال العباس : إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو خصصته بمعروف . فقال النبي ( عليه السلام ) : من دخل دار أبي سفيان كان آمنا ، ثم قال : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل البيت فهو آمن .