فبعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا معشر قريش إني أكره أن أبدأ بكم فخلوني والعرب وارجعوا . فقال عتبة : ما رد قوم هذا فأفلحوا . فقال له أبو جهل : جبنت ، وانتفخ سحرك [1] . فلبس عتبة درعه وتقدم هو وأخوه شيبة وابنه الوليد ، وقال : يا محمد أخرج إلينا أكفائنا من قريش . فتطاولت الأبصار لمبارزتهم ، فمنعهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال لهم : إن القوم دعوا الأكفاء منهم . ثم أمر عليا ( عليه السلام ) بالبروز إليهم ، ودعا حمزة بن عبد المطلب . وعبيدة ابن الحارث ( رحمهما الله ) أن يبرزا معه . فلما اصطفوا لهم لم يتبينهم القوم لأنهم كانوا قد تغفروا ، فسألوهم : من أنتم ؟ فانتسبوا لهم . فقالوا : أكفاء كرام . ونشبت الحرب بينهم ، وبارز الوليد عليا ( عليه السلام ) فلم يلبث حتى قتله ، وبارز عتبة حمزة ( رضي الله عنه ) فقتله حمزة ، وبارز شيبة عبيدة رحمه الله فاختلفت بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة ، فاستنقذه أمير المؤمنين بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه في ذلك حمزة رحمه الله [2] . ثم بارز أمير المؤمنين ( عليه السلام ) العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواه ، فلم يلبث إلا أن قتله . وبرز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله . وبرز بعده طعيمة بن عدي فقتله . وقتل بعده نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش . ولم يزل ( عليه السلام ) يقتل واحدا منهم بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم وكانوا سبعين قتيلا ، وتولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومين الشطر الآخر ، وكان قتل أمير المؤمنين للشطر بمعونة الله تعالى له وتوفيقه وتأييده ونصره ، وكان الفتح له بذلك وعلى يديه .