فقال له أهل المجلس : ترى ذلك الرجل - وهم يؤمون إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة - اذهب إليه يعديك عليه . فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا عبد الله إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله وأنا غريب ابن سبيل ، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يعديني عليه ويأخذ لي حقي منه فأشاروا إليك ، فخذ لي حقي منه رحمك الله . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اذهب بي إليه ، وقام معه ( صلى الله عليه وآله ) . فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم : انطلق فانظر ماذا ترى يصنع . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى جاء فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟ فقال : محمد اخرج إلي . فخرج إليه وما في وجهه رائحة وقد انتقع لونه ، فقال له : أعط هذا الرجل حقه . قال : نعم ، لا يبرح حتى أعطيه الذي له ، فدخل وخرج اليه بحقه فدفعه إليه . ثم انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقال للأراشي : إلحق بشأنك . فأقبل الأراشي حتى وقف على نادي أولئك القوم فقال : جزاه الله خيرا فقد أخذ لي حقي . وجاء الرجل الذي بعثوه معه فقالوا : ويحك ماذا رأيت ؟ قال : عجبا من العجب ، والله إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه ، فقال له : أعط هذا الرجل حقه . فقال : نعم لا يبرح حتى أخرج اليه حقه . فدخل فأخرج اليه حقه فأعطاه إياه . ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فقالوا له : ويلك تبا لك والله ما رأينا مثل ما صنعت . فقال : ويحكم والله إلا أن ضرب الباب وسمعت صوته فملئت رعبا ثم خرجت إليه وإذا فوق رأسي فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، والله لو أبيت لأكلني [1] . * * *