والأحاديث المخرجة في الأصول وكتب أصحاب الأئمّة وعلماء السلف وما خرّجه المتأخرون من المحدّثين من الأحاديث التي فقدت بأجمعها محصورة ومعيّنة ، وهناك جماعة كانت تعرفها بأسانيدها بالحفظ الصحيح والضبط الدقيق والنظر الصائب . فمثلاً : حفظ ابن عقدة - وكان آية في الحفظ - ثلاثمائة ألف حديث عن أهل البيت بأسانيدها ، ولم يخلط بين سندَين ، وكان يروي كلّ حديث بسنده الخاص دون تداخل ، وله كتاب أسماء الرجال ذكر فيه أربعة آلاف رجل سمع الإمام الصادق وروى عنه وذكر رواياتهم ، وهذا لا يكون إلاّ بالممارسة الدائمة والشوق المفرط ، فلا ينبغي للمرء أن يقصر همّه على حفظ عدّة أحاديث معدودة ، بل الأفضل أن يتبع الحسنة بالحسنة ، وينمي السنّة بالسُنّة ، حتّى يحصل له تتبع وتبحّر واستئناس كامل بأقوال الأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) وينال بذلك الأجر الجميل والثناء الجزيل . . وبهذا التدريب والممارسة يتمكّن - ممدوداً من الغيب - من اقتناص الفروع من الأصول ، واستخراج المنقول من المعقول . وكانت كتب ابن عقدة - المذكور - المتوفّى سنة 333 ه في الكوفة - ستمائة حمل بعير ، وكان زيديّاً وجاروديّاً ومات على ذلك ، ولكن ابنه محمّد بن أحمد بن عقدة كان من أجلاّء الشيعة الإماميّة ; المهم إنّه عمل بما وعى [1] ولم يقصر في بلوغ الغاية من موهبته - الحفظ - . أجل ; يُطلَق لفظ الماء على القطرة وعلى البحر على حدّ سواء ، كما يطلق المحدّث على من حفظ عشر أحاديث وعلى من حفظ أربعين على حدّ سواء ، غير
[1] لم يعمل بما وعى إن كان قد مات وهو زيديّ المذهب وكيف يعي ثلاثمائة ألف حديث من أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ولم يهتد إلى الحق ؟ ! !