تعريض عريض حول كتاب « زند وپازند » وبُطلانه تذكّرت في هذا المقام ما ذكره المسعوديّ في مروج الذهب عن كتاب زند وپازند ومعنى الزنديق ، وذِكره لا يخلو من فائدة : « زرادشت بن اسبيمان وكان من أهل أذربيجان وهو نبيّ المجوس الذي أتاهم بالكتاب المعروف ب « الزمزمة » [1] عند عوام الناس واسمه عند المجوس بستاه ، وأتى زرادشت عندهم بالمعجزات الباهراة للعقول ، وأخبر عن الكائنات من المغيّبات قبل حدوثها من الكليّات والجزئيّات ، والكليّات : هي الأشياء العامة ، والجزئيات هي الأشياء الخاصة ، مثل زيد يموت يوم كذا ، وفلان يمرض في وقت كذا وأشباه ذلك ، ومعجم هذا الكتاب يدور على ستّين حرفاً من أحرف المعجم ، وليس في سائر اللغات أكثر حروفاً من هذا ، وقد أتى زرادشت بكتابهم هذا بلغة يعجزون عن ايراد مثلها ولا يدركون كنه مرادها ، وجعل له تفسيراً وتفسير التفسير ، وكتب هذا الكتاب في اثني عشر ألف مجلّد بالذهب ، فلم تزل الملوك تعمل بما في هذا الكتاب إلى عهد الإسكندر وما كان من قتله لدارا بن دارا ، فأحرق الإسكندر بعض هذا الكتاب . ثمّ صار الملك بعد الطوائف إلى أردشير بن بابك ، فجمع الفرس على قراءة سورة منه يقال لها « استا » [2] . . فالمجوس إلى هذا الوقت لا يقرأون غيرها . ثمّ عمل زرادشت تفسيراً عند عجزهم عن فهمه وسمّوا التفسير زنداً ، ثمّ عمل للتفسير
[1] انظر البحار 10 / 179 - 193 . [2] في المروج « اسناد » .