فالأحرى بنا - إذن - أن نسلّم بما لا تحيط به عقولنا ، لأنّها أكبر من عقولنا ، ولا نردّها لهذا السبب محضاً ، وندعو الله أن يفتح علينا بما يجعلنا أوسع من قيودنا لندرك الحقائق مهما كانت عالية ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبَصَرُك اليوم حديد ) [1] ، فتستقبلها القلوب مفعمة بالإيمان ، وتدركها العقول المتّسعة باتّساع النّور ، وقد قال النبيّ الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لو علم النّاس متى سمّي عليّاً « أمير المؤمنين » ما أنكروا فضله . . سمّي وآدم بين الرّوح والجسد » [2] . وليس ثمّة من يشكّ في أنّ للسيّدة فاطمة نشأة خاصّة ميّزتها - كسائر أهل البيت ( عليهم السلام ) - عمّن سواها ، قبل دخولها هذه الدّنيا وفيها وبعدها ، ولا نريد الدخول في التفاصيل لأن الكتاب تولّى ذلك . فإذا كانت لها نشأة خاصّة جعلتها « حوراء إنسيّة » في آن واحد ، فلماذا لا تكون لها مناقب خاصّة ، وفضائل خاصّة ، وكرامة خاصّة ، وعبادة خاصّة ، وأب خاصّ ، وزوج خاصّ ، وذرّيّة خاصّة ، وحقوق خاصّة ، ومواقف خاصّة ؟ ولماذا نستكبر أو نستكثر أو نستنكر - والعياذ بالله - منقبة لمجرّد أنّ عقولنا - المحدودة - لا تتّسع لها ؟ ! ! ثمّ نرمي من اعتقد بها بل حتّى من رواها بالغلوّ ! ! غلو . . مغالي . . لقد لعن أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) المغالين وتبرّؤوا منهم . . لا شكّ في ذلك ، وأيّ مؤمن موالي لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولفاطمة سيّدة نساء العالمين وذرّيّتها المعصومين ( عليهم السلام ) ثمّ لا يتبرّء ممّن تبرّؤوا منه ، ولا يلعن من لعنوا ؟ وهل ديننا إلاّ البراءة والموالاة ؟