موجزاً لا يخلو من فائدة ، لبيان صلابة آسية وكمال يقينها وإيمانها الذي أوصلها إلى كعبة المراد . وفي الحديث : إنّ فرعون كان راضياً بأن يعطي كلّ ما يملك على أن يصرف آسية عن الطريق القويم والنهج المستقيم ، فلم يفلح لأنّها رفضته وأعرضت عن الدنيا بتمامها ، وفدت نفسها لموسى ( عليه السلام ) ، وأرجعت نفسها المطمئنّة راضية مرضيّة إلى عالم الأنس وحضيرة القدس بإيمانها بالله ورسوله ، هذا الإيمان الذي صرفها عن الدنيا ومنعها عمّا سوى الله . إيمان وإيقان إعلم أنّ ما يوجب النجاة من المهلكات في الدنيا والآخرة إنّما هو الإيمان : ( ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم ) [1] . وقد أكّد القرآن تأكيداً شديداً على الايمان ، ولم يذكر شئ في القرآن أكثر من الأمر بالإيمان والتوجّه إلى الآخرة ; لذا صار الإهتمام بالإيمان أهمّ وآكد من أيّ عمل آخر ; والعبادات والطاعات بأجمعها منوطة بالإيمان قبولاً وردّاً ، والشريعة النبويّة متفرّعة عليه وقائمة به . وكما أنّ القلب أشرف الأعضاء ، فكذلك الإيمان - وهو مظروف القلب - أشرف الصفات والخصال والأصل الأصيل للكمال ، لذا قالوا في معنى الإيمان : « الإيمان هو العَقد بالجَنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان » [2] .