الراسخين في الإيمان قصّة مملوءة بالغصص [1] . وله حكاية آخري مع الماشطة التي كانت تمشط بنته ، حيث جعل على رأسها طشتاً وأشعل فيه النار ، ورمى بطفلها في تنور من نحاس فحمى والطفل يأمر أمّه بالصبر وهو في لهيب النار ، ويقول لها : ليس بينك وبين الجنّة إلاّ خطوة أو خطوتين . . . وبقي هكذا حتّى مات . . . إلى آخر الخبر . والعجيب في أمر آسية أنّها كانت تكتم إيمانها في هذه المدّة المديدة ، وهي عند فرعون ، تعيش معه كزوجة تألفه وتؤانسه ، فلمّا علم بإيمانها استشاط غضباً وأخذ يصرخ كالمجانين ويتلوّى ، وكلّما أصرّ عليها أن تقرّ بربوبيّته رفضت وبقيت ثابتة على إيمانها بالله ، وتمسّكها بالشريعة الموسويّة ، فدعى قصّاباً - كما في بعض التواريخ المعتبرة - وأمره أن يقطع رأسها أمامه ويسلخ جلدها ، فلمّا شرع القصّاب فزع سكّان العالم الأعلى ورقّوا لآسية وسألوا الله لها النجاة ، فجاءهم النداء من ذي الجلال : إنّ آسية أمتي وقد اشتاقت لمولاها ، انظروا ماذا تقول في ساعة احتضارها ، فلمّا استمع الملأ الأعلى وإذا بها تقول ( ربّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين ) [2] . روى الثعلبيّ في العرائس : عن ابن عباس قال : أخذ فرعون امرأته آسية حين ابتدأ بها يعذّبها لتدخل في دينه ، فمرّ بها موسى وهو يعذّبها ، فشكت إليه بأصبعها ، فدعا الله موسى أن يخفّف عنها من العذاب ، فبعد ذلك لم تجد للعذاب ألماً إلى أن ماتت في عذاب فرعون ، فقالت وهي في العذاب : ( ربّ ابن لي عندك بيتاً في