فبعد أن استغرق آدم وحوّاء ( عليهما السلام ) في نعم العليّ الأعلى وعناياته الروحانيّة والجسمانيّة ، إلتفتا إلى نفسيهما لحظة وغفلا - آناً - عن مبدأ المبادى بمقتضى الطبيعة البشريّة ، فظنّا أنّ ما عندهما من فضل ومزايا وعطايا ونعم إلهيّة لا متناهية نالاها بالاستحقاق الذاتيّ والاستعداد الفطريّ ، فتحادثا في ما خصّهما الله به من الحسن وشروق أنوار الجمال الموهوبة من حضرة ذي الجلال ، فقالا : لم يخلق الله في عالم الملك والملكوت خلقاً أفضل ولا أشرف منّا ، ولم ير سكّان الملأ الأعلى مخلوقاً أجمل ولا أحسن منّا ، فنبّههم الله بمشاهدة الأنوار المقدّسة الخمسة الطيّبة . ولا بأس أن أنقل - في المقام - خبرَين رواهما المؤالف والمخالف ، وبهما يثبت المقصود ، ولا نحتاج إلى بحث المساواة والمقارنة بين الزهراء ( عليها السلام ) وحوّاء . أما الخبر الأول : فعن طرق الإماميّة في البحار : عن الإمام الحسن العسكريّ ( عليه السلام ) عن آبائه الكرام ، عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لمّا خلق الله تعالى آدم وحوّاء تبخترا في الجنّة ، فقال آدم ( عليه السلام ) لحواء : ما خلق الله خلقاً هو أحسن منّا ، فأوحى الله - عزّ وجلّ - إلى جبرئيل أن ائتني بعبدتي التي في الجنّة الفردوس الأعلى ، فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنّة ، على رأسها تاج من نور ، وفي أذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من حسن وجهها ، قال آدم ( عليه السلام ) : حبيبي جبرئيل ، من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها ؟ فقال : هذه فاطمة بنت محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبيّ من وُلدك يكون في آخر الزمان قال : من هذا التاج الذي على رأسها ؟ قال : بعلها عليّ بن أبي طالب . قال : من القرطان اللذان في أذنيها ؟ قال : ولداها الحسن والحسين . قال آدم ( عليه السلام ) : حبيبي جبرئيل ! أخُلقوا قبلي ؟ قال : هم موجودون في