أحدها : أنّه تعالى قَبِل تحريرها مع أنّها كانت أنثى ، ولم يحصل مثل هذا المعنى لغيرها من الإناث . وثانيها : قال الحسن : إنّ أمّها لمّا وضعتها ما غذّتها طرفة عين ، بل ألقتها إلى زكريّا ، وكان رزقها يأتيها من الجنّة . وثالثها : إنّه تعالى فرّغها لعبادته ، وخصّها في هذا المعنى بأنواع اللطف والهداية والعصمة . ورابعها : إنّه كفاها أمر معيشتها ، فكان يأتيها رزقها من عند الله تعالى على ما قال الله تعالى ( أنّى لكِ هذا قالت هو مِن عند الله ) [1] . وخامسها : إنّه تعالى أسمعها كلام الملائكة شفاهاً ، ولم يتّفق ذلك لأنثى غيرها . فهذا هو المراد من الاصطفاء الأول . وأمّا التطهير ففيه وجوه : أحدها : إنّه تعالى طهّرها عن الكفر والمعصية ، فهو كقوله تعالى في أزواج النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( ويطهّركم تطهيراً ) [2] . « ولا يعتمد على كلام الفخر هذا [3] لأنّ بطلانه بديهي واضح » . وثانيها : إنّه تعالى طهّرها عن مسيس الرجال .
[1] آل عمران : 37 . [2] تظافرت أقوال علماء العامّة والخاصّة على أنّ الآية نزلت في الخمسة أصحاب الكساء وليس في أزواج النبيّ ، ولم يدّع هذا القول أحد إلاّ عكرمة الناصبيّ المبغض لأمير المؤمنين . وقد ألّف بعض علماء الشيعة في حديث الكساء وطرق روايته نقلاً عن علماء العامّة والخاصّة . [3] أي قوله بنزول آية التطهير في أزواج النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .