عالمها ، وإنّ الله جعلك سيّدة عالمك وعالمها وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين » [1] . وقد مرّ الكلام عن هذا الحديث في معنى « المحدّثة » ، ولكنّنا ذكرناه هنا تبرّكاً وتيمّناً ، وسنقصر الكلام هنا على تكرار كلمة « اصطفاك » ومعنى « التطهير » . فنقول بعون الله وعصمته : ذكر المفسّرون في سبب تكرار الاصطفاء كلاماً مفصلاً نذكره على نحو الإجمال : ففي تفسير الصافي : « . . . الاصطفاء الأوّل : تقبّلها من أمّها ، ويشهد له قوله تعالى : ( فتقبّلها ربّها بقبول ) [2] ولم تُقبل قبلها أنثى وتُفرّغ للعبادة وتُغني برزق الجنّة عن الكسب ، وتُطهّر عمّا يُستقذر من النساء . والثاني : هدايتها وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنيّة ، كالولد من غير أب ، وتبرأتها عمّا قذفته اليهود بإنطاق الطفل ، وجعلها وابنها آية للعالمين [3] . وفي المجمع عن الباقر ( عليه السلام ) معنى الآية : « اصطفاك من ذرّية الأنبياء ، وطهّرك من السّفاح ، واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل » [4] . وذكر الفخر الرازي - خطيب الريّ - في التفسير الكبير في ذيل الآية من سورة آل عمران وجوهاً في سبب تكرار الاصطفاء قال : « . . . ولا يجوز أن يكون الاصطفاء أولاً من الاصطفاء الثاني ، كما أنّ التصريح بالتكرار غير لائق . . . » وقال : « أمّا النوع الأول من الاصطفاء فهو أمور :
[1] بحار الأنوار 14 / 206 ح 23 باب 16 . [2] آل عمران : 37 . [3] تفسير الصافي 1 / 335 . [4] بحار الأنوار 14 / 193 ح 2 باب 16 .