القانون السماويّ والأمر الإلهيّ يجمع الأسود والأبيض ، والوضيع والشريف ، والفقير والغنيّ ، ويجعل الجميع في مستو واحد ، بغضّ النظر عن صورهم ، ما دام قيد الإسلام والإيمان متوفّراً ، وما دام الميزان هو الإمتثال والطاعة والالتزام بمعايير الشريعة الغرّاء ، فالإيمان كالجبال الرواسي لا تحرّكه العواصف ولا تزعزعه الرياح ، ولا ينبغي الاغترار بالمال والجمال ، إذ المال يسلب في ليلة ، والجمال يزوى بحمّى . وكلّ ما سوى الإيمان في معرض الزوال والفناء ، وهو عارية عارضة ، وأيّ نعيم لا يكدّره الدهر ; لذا قيل : لا تطلب المرأة لجمالها ومالها ، فسرعان ما يزولا [1] . إن افتخرت بآباء مضوا سلفاً * قلنا صدقتَ ولكن بئس ما ولدوا [2] وفي الحديث النبويّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصحيح : « لا تأتوني بأنسابكم ، بل ائتوني بأعمالكم » [3] . وبناءً على هذا ، فقد رفع الإسلام النخوة والمفاخرة بالأنساب والتكاثر بالأموال والأولاد والعشائر ، وجعل الميزان الإيمان بالله ورسوله ، فلا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى [4] . وعلّة النهي عن طلب المرأة لمالها وجمالها ، أنّ الراغب في الجميلة كثير والراغب في غيرها قليل ، فلو رُغب في الجميلة فقط للزم الفساد ، والعقل يمنع عن
[1] انظر البحار 100 / 235 ح 19 باب 3 . [2] البحار 70 / 226 ح 19 باب 130 وفيه : لئن فخرت بآباء ذوي شرف * فقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا [3] انظر البحار 7 / 241 ح 12 باب 9 وفيه : « ائتوني بأعمالكم لا بأنسابكم . . » . [4] قال تعالى في سورة الحجرات : ( يا أيّها الناس إنّا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) .