المفسّرين . . . والعجب من أكثر المفسّرين كيف طووا كشحاً عن مثل ذلك ، مع تعرّضهم لأدنى إيحاء وأخفّ إشارة في سائر الآيات ! ! . . . ولمّا رأى الزمخشري أنّ الإعراض عن ذلك رأساً ليس إلاّ كتطيين الشمس وإخفاء الأحس [1] . . . تمسّك في « الكشّاف » بمعاذير ضعيفة وعبارات سخيفة ليس هنا محلّ نقلها . وقد أومأ الفخر الرازي أيضاً في تفسيره إلى ذلك إيماءً لطيفاً حيث قال : « وأمّا ضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط فمشتمل على فوائد متعددة لا يعرفها بتمامها إلاّ الله تعالى ، والظاهر منها تنبيه الرجال والنساء على الثواب العظيم والعذاب الأليم ، ومنها العلم بأنّ صلاح الغير لا ينفع المفسد ، وفساد الغير لا يضرّ المصلح » [2] . فماذا ينفع المرأة الفاسدة إذا دخلت بيت النبيّ ؟ ! كما أنّ امرأتي نوح ( عليه السلام ) ولوط ( عليه السلام ) لم يصلحا ولم ينتفعا مع فسادهما الفطريّ . والعجب من ابن عبد البرّ في « الإستيعاب » ، حيث روى في باب عائشة باسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لنسائه : أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبب ، يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعد ما كادت ؟ وصاحبة الجمل هي عائشة التي سبّبت قتل عدد غفير من أبنائها في واقعة الجمل في البصرة . ثمّ قال : هذا من أعلام نبوّته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) [3] . وأقول كما قال أبو يعقوب : إنّ ما ذكرته من الأخبار صحاح وليس
[1] انظر بحار الأنوار 22 / 233 باب 4 الآيات . [2] البحار 22 / 234 باب 4 الآيات . [3] البحار 22 / 235 باب 4 أحوال عائشة وحفصة . الإستيعاب :