كما كانت أوّلاً ، فعدل الناس عنه إلى عليّ بن أبي طالب ، فلمّا سمعت ذلك صرخت : واعثماناه قُتل مظلوماً ، وثار ما في الأنفس حتّى تولّد من ذلك يوم الجمل وما بعده . هذه خلاصة كلام الشيخ أبي يعقوب ، ولم يكن يتشيّع ، وكان شديداً في الإعتزال ، إلاّ أنّه في التفضيل كان بغدادياً [1] . ويحضرني الآن ما نقله ابن أبي الحديد أيضاً عن يحيى بن سعيد بن عليّ الحنبليّ المعروف بابن عالية ; قال : كنت حاضراً مجلس الفخر إسماعيل بن عليّ الحنبليّ الفقيه ، وكان الفخر إسماعيل بن عليّ هذا مقدّم الحنابلة ببغداد . . . قال ابن عالية : ونحن عنده نتحدّث إذ دخل عليه شخص من الحنابلة . . . واتّفق أن حضرت زيارة يوم الغدير والحنبليّ المذكور بالكوفة . . فجعل الشيخ الفخر يسائل ذلك الشيخ . . . وذلك يجاوبه ، حتّى قال له : يا سيّدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير وما يجري عند قبر عليّ بن أبي طالب من الفضائح والأقوال الشنيعة وسبّ الصحابة جهاراً بأصوات مرتفعه من غير مراقبة ولا خيفة ! فقال إسماعيل : أي ذنب لهم ، والله ما جرّأهم على ذلك ولا فتح لهم هذا الباب إلاّ صاحب ذلك القبر . فقال ذلك الشخص : ومن صاحب القبر ؟ قال : عليّ بن أبي طالب . قال : يا سيّدي هو الذي سنّ لهم ذلك وعلّمهم إيّاه وطرّقهم إليه ؟ قال : نعم والله .
[1] شرح نهج البلاغة 9 / 130 وما بعدها شرح الخطبة 156 « ومن كلام له ( عليه السلام ) خاطب به أهل البصرة على جهة اختصاص الملاحم » ، البحار 22 / 236 باب أحوال عائشة وحفصة .