النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا ينال تلك الألطاف ، في حين كان يرى نفسه شيخاً كبيراً مستحقّاً لنيل اهتمام النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وألطافه ؟ ! وليس في المخالف والمؤالف من يقول أنّ أبا بكر كان يتميّز بملكة قاهرة استثنائيّة تنزّهه عن الحسد ! ! وبهذا تبيّن أنّ الحسد هو منشأ العداوة في الصدر الأول من الخارج والداخل من الرجال والنساء ، والحسد من أصول الكفر وأركانه [1] ، وسنشرح هذا في في هذه الخصيصة بشكل مستوفي إن شاء الله . إنّ تلك المفاسد نشأت جميعاً من الحسد ، بمفاد قوله تعالى : ( أم يحسدون النّاس على ما آتاهم الله من فضله ) [2] وكان مصدره ومظهره إبتداءً أبا بكر وعائشة . وقد ذكرنا شيئاً من حسد أبي بكر ، وسنذكر الآن شيئاً من حسد عائشة لنقترب من المقصود : قال ابن أبي الحديد المعتزليّ : سألت شيخي أبا يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعانيّ عن قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « وأمّا فلانة - ويعني ( عليه السلام ) عائشة - فأدركها رأي النساء وضغن غلا في صدرها كمرجل القين ، ولو دُعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ لم تفعل ، ولها بعدُ حرمتها الأُولى والحساب على الله » . فقال : أوّل بدء الضغن كان بينها وبين فاطمة ( عليها السلام ) ; وذلك لأنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تزوّجها عقيب موت خديجة فأقامت نفسها مقامها وكلّمت فاطمة كلاماً بعيداً عن الصواب ، ثمّ إنّها
[1] قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أصول الكفر ثلاثة : الحرص والاستكبار والحسد . ( هداية الأمة 1 / 12 المقدمة الثامنة ح 20 ) [2] النساء : 54 .