فيها نيران الحسد ، فغلت مراجل العناد وطغت عفاريت الغيرة [1] . والآن انظروا بعين الإنصاف إلى أبي بكر الذي كان يلازم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفره ، وقد عقد لابنته - على مذهب العامّة - على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مكّة وقدّمها له في المدينة ، وكان أكبر سنّاً من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ومع ذلك لم ينل ما ناله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من الإحترام والعناية اللامتناهية من الحضرة الأحديّة والمحبّة النبويّة ، ووجد نفسه خلواً من كلّ تلك المفاخر ، فكيف لا يحسد ولا يُبدي العداوة ظاهرة وباطنة ؟ سيّما وأنّه كان يسمع من محارم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يجري في الداخل ، حيث كانت عائشة تصبّ الزيت على النار المشتعلة في داخله ، وكانت نساء أُخريات يعاضدن عائشة في وشايتها وسعايتها فيؤجّجن كوامنه . وعلى ما هو المعلوم فإنّ أبا بكر دخل الإسلام طلباً للرئاسة ، يبذل قصارى جهده لنيل للخلافة ، غير أنّه وجد الأمر خلافاً لهواه ، ووجد الرياح تجري بما لا تشتهيه نفسه ; لذا شرع باتّخاذ التدبيرات اللازمة لمواجهة التطورات دون أن يبدي خوفاً من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . والآن نسأل أهل السنّة : هل كان أبو بكر معصوماً ؟ الجواب : لا . فنسألهم ثانية : ألم تقع أغلب هذه الأحداث ؟ أَوَلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مورد اهتمام وألطاف السيّد المختار ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ الجواب : نعم . فنقول : كيف لا يدبّ الحسد إلى أبي بكر وهو غير معصوم وكان يلازم
[1] وسيأتي كلام ابن أبي الحديد البغدادي فيما فعلته عائشة وفي علّة حسدها . ( من المتن )