والغرض من هذا البيان أن نقول أنّ الطائفة الأُولى في الدرجة العليا مؤيّدة بالتأييدات الإلهيّة ومجرّدة من التعلّقات الطبيعيّة ، وهي جواهر مخلوقة من إشعاعات العقل الأول المعبّر عنه بالقلم الأعلى ، والمسمّى عند أهل الكشف بالحقيقة المحمّديّة ، فجواهر حقائقهم تستولي استيلاءً خاصّاً على أفراد الموجودات وآحاد الكائنات ، وهكذا كانوا وسيكونون . وبعبارة الحكماء : إنّ حقائق الأشياء جميعاً منطوية فيهم إنطواءً علميّاً ، ومندرجة ومندمجة في حقيقة كلّ واحد منهم كالبذرة المستورة بالتراب تنطوي فيها الأغصان والثمار الكثيرة ، حتى تخرج من مكمن الغيب إلى عالم الفعل والشهود . أقول : خُلقت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) حسب الأخبار المذكورة والأحاديث المأطورة من النور المجرد والعقل المؤيد ، وترعرعت في كنفه وحماه ، يربّيها ويؤدّبها ، ثمّ كفلها في هذا العالم ، فكيف لا تلتزم أفعاله وأقواله ولا تقتدي بآثاره اقتداءً كاملاً ؟ ولا ترضى - حقّ الرضا - برضا وليّه وهي محيطة إحاطة كاملة بكلّ تلك البيانات ؟ ! ! ففاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من الطائفة الأُولى ، وهي مهذّبة منذ صغرها ، وقد أدّبها العليّ الأعلى ، صلوات الله عليها وعلى من تولاّها . إلى هنا ينبغي أن نعقل اللسان في هذه الخصيصة لنذكر فضائل تلك المخدرة من خلال عبارات الأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) لئلاّ يُحرم العوام .