قانياً : إنّ الإسلام على مستويين : ظاهر وباطن . أمّا ظاهر الإسلام فهو الإقرار بالشهادتَين ، وبه يُحقن الدم وتجوز المناكحة ، وأمّا باطنه فهو الإيمان ، قال تعالى : ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) [1] ، والإيمان هو الدين الذي بعث به النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدع بإظهاره ، قال تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهُدى ودِين الحق ليُظهره على الدين كلّه ولو كَرِه المشركون ) [2] . والدين : هو الصراط المستقيم وهو مسلك العقل الذي يرشد إليه النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويدلّ عليه ، وهو ما عبّر القرآن بقوله تعالى : ( وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ) [3] فدلّ عليه وأمر باتباعه ، والدين يعني - إجمالاً - كلّ ما جاء به النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الأصول والفروع الإلهيّة والنواميس السماويّة . وقد بُعث النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بداية أمر النبوّة ليدعو الناس إلى الإسلام الظاهريّ قبل أن تنزل تفاصيل الدين فروعاً وأصولاً ، فمن أظهر الشهادتَين حينئذ فهو مسلم تجري عليه أحكام الإسلام ، فلمّا وصلت الأحكام إلى سائر الأنام تدريجاً ، وبلّغ النبيّ الأصول والفروع كاملة ، جرى على الناس اسم الإسلام الواقعيّ - أي الإيمان - بمفاد قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) [4] . وهكذا كان نبيّ الرحمة يبلّغ - تدريجيّاً - أحكام الله - أصولاً وفروعاً - حسب ما تقتضيه الحكمة والأمر الإلهيّ ، ويجرّ الناس من ظاهر الإسلام إلى باطن الإيمان ، مثل الطبيب الذي يعالج مريضه بمرور الأيام وتناوب الأوقات ، فيعطيه