إمّا عملاً بظاهر الإسلام ، ولم يكن ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مكلّفاً حينئذ بالنظر في عاقبة أمرهما ، وهذا على قولنا وقول أصحابنا وعلى قول فريق آخر . فالنكاح على ظاهر الإسلام والباطن مستور ، وقد يستر الله ذلك على نبيّه من جهة إخفاء إنفاق المنافقين ، كما قال تعالى : ( ومِن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ) [1] ، وهكذا كان المكّيّون . وإمّا أن يكون النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عالماً بباطنهم ونفاقهم ، ولكنّ الله أباح هذا النكاح إجراء على إباحة المناكحة على ظاهر الإسلام ، وهذا الترخيص والإباحة من خصائص النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وذهب الشيخ المجلسيّ إلى هذا القول وجعله من خصائص النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، تماماً كالزواج بأكثر من أربعة بالعقد الدائم ، والزواج بدون مهر ، وصيام الوصلة ، والصلاة بعد النوم بغير وضوء ، وأشباه ذلك ممّا حُرّم على غيره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ثمّ قال الشيخ : هذه وجوه ثلاثة في تزويج عثمان من البنات الطاهرات وكلّ واحد منها كاف بنفسه مستغن عمّا سواه ، والله الموفق للصواب [2] . ( إنتهى كلامه طوبى له وحسن مآب ) . وقلت - أنا الحقير - كلاماً في دفع الإشكال ، قريباً من التقرير المذكور : أولاً : قال تعالى : ( إنّ الدين عند الله الإسلام ) [3] وقال تعالى أيضاً : ( ومن يبتغِ غيرَ الإسلام دِيناً فلن يُقبل منه ) [4] .
[1] التوبة : 101 . [2] البحار 42 / 107 ح 34 باب 120 . [3] آل عمران : 19 . [4] آل عمران : 85 .