مميّز على أغلب نساء زمانهنّ ، وأفضل دليل على حسن حالهنّ اهتمام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفاطمة الزهراء بهنّ وحبّهما لهنّ وترحّمهما عليهنّ : أمّا زينب : فقد لاقت ما لاقت في طريق مكّة ممّا أحزن النبيّ وآسفه ، بحيث أهدر دم هبّار الذي طعن هودجها بالرمح فأرعبها حتّى أسقطت جنينها . قال ابن أبي الحديد في حوار له مع أستاذه : ومن هنا تبيّن حال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيما ارتكب أهل الجور من جنايات في حق ابنته فاطمة الصدّيقة الطاهرة [1] . والغرض : بيان محبة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وشفقته على بنات خديجة ليعرف بذلك حسن حالهنّ . وأمّا رقّيّة فمصابها يُفجع القلب ويُبكي العين ، وقد جرى لها ما جرى على يد عثمان حتّى أودى بها إلى الشهادة . ففي الكافي عن الصادق ( عليه السلام ) : لمّا قتلها عثمان وقف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه . أيضاً في الكافي : وقف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على قبرها وقال : اللهمّ فهب لي رقّيّة
[1] قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 14 / 192 باب 9 : « . . . فخرجوا في طلبها سراعاً حتّى أدركوها بذي طوى ، فكان أوّل مَن سبق إليها هبّار بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصي ونافع بن عبد القيس الفهريّ ، فروّعها هبّار بالرمح وهي في الهودج ، وكانت حاملاً فلمّا رجعت طرحت ما في بطنها وقد كانت من خوفها رأت دماً وهي في الهودج ، فلذلك أباح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم فتح مكّة دم هبّار بن الأسود . قلت : وهذا الخبر قرأتهُ على النقيب أبي جعفر ( رحمه الله ) فقال : إذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أباح دم هبّار بن الأسود لأنّه روع زينب فألقت ذا بطنها ، فظهر الحال لو كان حيّاً لأباح دم مَن روّع فاطمة حتّى ألقت ذا بطنها . . . » .