إلى سلاطين الأرض لعلّهم يكسروا شوكة الإسلام ويحدّوا صولته وينجوا من سطوته . قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا معشر العرب ! أنتم في شرّ دار وفي شرّ دين ، بين حجارة خشن وحيات صمّ تشربون الكدر وتأكلون الجشب ، تسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم ، والآثام بكم معصوبة والأصنام فيكم منصوبة [1] . . . إلى آخر ما قال ( عليه السلام ) . فيمكن أن يقال : إنّ من معاني فاطمة أنّ وجودها الجواد فطم وقطع الإسلام عن الكفر « فطمت عن الشرك وعن الشر [2] ، وعن الدنيا وشهواتها [3] » . وهذا وجه وجيه وبيان مليح ، فالشجرة إذا قُطع منها مائة غصن وبقي فيها غصن واحد اشتدّت وقوّت وقامت بذاك الغصن ، وشجرة النبوّة الطيّبة لا غصن لها في بدء الإسلام إلاّ ذاك الغصن الرفيع والفرع المنيع ; ولذا ظهرت منها جميع قوى النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) متدرّجة من القوّة إلى الفعل ، وأمير المؤمنين صنو تلك الشجرة وشبيهها وعديلها ، وهما من أصل واحد ، فهما شقيق وزميل . ويصحّ أيضاً أن نقول : إنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غصن منيع من الأغصان الباقية لشجرة إبراهيم الخليل المباركة ، وثمرته الوجود الأقدس لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . أو نقول : إنّ نبيّ الرحمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثمرة شجرة عالم الإمكان ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) جوهر تلك الثمرة وحقيقتها ، وكمال الشجرة أوان ظهور ثمرتها وزمان نضوج حملها .
[1] البحار 18 / 226 ح 68 باب 1 عن نهج البلاغة 68 الخطبة 26 وفيه : « وأنتم معشر العرب على شرّ دين وفي شرّ دار . . . » . [2] انظر البحار 43 / 10 ح 1 باب 2 . [3] انظر البحار 43 / 13 ح 9 باب 2 .