وفاطمة الطاهرة ( عليها السلام ) هي المفطومة عن نساء العالمين وعن الطمث خاصّة . وذكر الطمث بعد الفطم عن النساء ذكر الخاصّ بعد العام ، فالفطام عن الطمث خاصّ والفطام بالعلم عن النساء عامّ ، والفطام عن الطمث أحد أفراد العام ، والعلم أحد أفراد العامّ ، وبعبارة أخرى فطمت فاطمة بالعلم الإلهيّ في جميع الكمالات خصوصاً العلم ، وكان في علم الله أنّ فاطمة عالمة وجامعة لكلّ الكمالات الممدوحة ، وقد جعلها الله كذلك منذ يوم « ألست » يوم العهد والميثاق ; لتأتي منزّهة عن كلّ الخبائث الظاهرية والباطنيّة ، ولمّا كانت عقوبة الطمث في النساء لها خصوصيّة اهتمّ بذكر رفعها والنصّ عليها ، وهذا المعنى يدلّ على علم فاطمة بالصفات الأخرى أيضاً . وقوله : « بالعلم » و « بالميثاق » إشارة إلى عدم الجهل وإلى الطهارة الأصليّة لفاطمة الزكيّة . وقوله : « بالميثاق » مفسّر ومبيّن لقوله « بالعلم » ، وقد ذكره الإمام الباقر ( عليه السلام ) في كلامه توضيحاً وتفسيراً . والباء في « بالعلم » و « بالميثاق » سببية ومتعلّقها « اسم فاطمة » ، وطريق الإنفطام معلوم وفيه قرينة مفيدة . ففاطمة موسومة « بفاطمة » بالعلم القديم والميثاق المأخوذ ، ويشهد لذلك الأمر الذي حمله ذلك الملك العظيم ويؤيّده ويؤكّده قوله « بالميثاق » ; فقوله « بالعلم » لا يرجع - ولو بالكناية - إلى علم فاطمة ، بل يرجع إلى علم الله ورسوله ، وهذا النوع من التعبير كثير في الآيات وكلمات الأئمّة الطاهرين مع ملاحظة الإختصار والإيجاز في كلامهم ( عليهم السلام ) ، فتأمّل .