فيالله من شجرة طيبة أصلُها ثابت وفرعها في السماء ، المغروسة في الحرم من كرم ، فشمخت أغصانُها ، وسمت أفنانُها ، واخضرّت أوراقها ، وأينعت ثمارها ، فأظلّت الورى ، وأحاطت بما في الثرى . فيالله من أصل زكيّ وفرع سمي ، نمى ( كمَثَل حبّة أنبتت سبعَ سنابِل في كُلِّ سُنبُلة مائةُ حبّة ) [1] . وهي في البداية نقطة الوحدة ، وفي النهاية كوثر الكثرة ، فصدرت منها المعارف والحكم ; لأنّها أمّ الكتاب ، وعلّمها ربّها من العلوم ما لم تعلم ، ( فلا تَعْلم نفسٌ ما أُخفي لها من قُرّة أعين ) [2] وإنّها الجنّة التي ( تؤتي أُكُلَها كلَّ حين ) [3] والنحلة التي ( اتّخذت لها بيوتاً من الشجر وممّا يعرشون ) [4] ، فعمّ الورى نفعُها ، وجعلها « في بُيوت أذن اللهُ رفعها » [5] ، فهي النعمة التامّة ، والرحمة العامّة ، وعَيبة المعرفة ، ووعاء المشيّة ، أخت النبوّة ، وعصمة المروّة ، الصحيفة المتلوّة ، والمرأة
[1] البقرة : 261 . [2] السجدة : 17 . [3] إبراهيم : 25 . [4] اقتباس من قوله تعالى : ( وأوحى ربّك إلى النحل أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر وممّا يعرشون ) ; النحل : 68 . [5] اقتباس من قوله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه يُسبِّحُ له فيها بالغدوّ والآصال ) ; النور : 36 .