المنصورة » بعد ما أظهرتَ نورها زاهراً ، وصوّرتها بأحسن صورة ، تعالى جلالُك وتلألأ جمالك ، وتجلّيت بها في سبحات الجبروت ، وتحلّيتها بصفاتك في سترات الملكوت ، فسبحان من تجلّى لها فأشرقت وطالعها فتلألأت ، وألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله ، فلا تزال تتقلّب بين يدَي الجلال والجمال ، ولم تزل تتنزّل من مبدأ الكمال إلى منتهى الكمال . ولقد أجاد الشيخ [ في قوله ] : هبطتْ إليك من المحلّ الأرفع * وَرقاءُ ذاتُ تعزّز وتمنّع محجوبة عن كلّ مُقلة عارف * وهي التي سَفَرت ولم تتبرقع [1] فكفّلها [ ال ] عقل الأوّل ، وزكّاها بالعلم والعمل ، واحتضنها في كلاءته ، واختصّها بكفالته ، وربّتها يد الرحمة ، وغذتها ثدي العصمة ، وأوحى إليها ما أوحى إليه ، وآتاها ما أوتي من قُربه لديه ; فأُشهد الله أنّها حبيبة الحقّ وربيبة الربّ ، وأنّ محمّداً ( ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ) أباها - مع النبوّة وعظيم الزُّلفة - يفتخر بهذه الأبوّة ، ويُباهي بأنّ هذه الثمرة من تلك الشجرة ، كما أنّ الواحد من العشرة ، وأنّ عليّاً بعلها علا اسمه بها ، وهو يقول في وحدته معها : وإنّ فاطمة سكني وعُرسي * مَنوط لحمُها بدمي ولحمي [2]
[1] من القصيدة العينيّة المشهورة للشيخ الرئيس ابن سينا . [2] الصواعق المحرقة الباب التاسع من فضائل الإمام علي ( عليه السلام ) الفصل الرابع ، ينابيع المودة 2 / 420 الباب التاسع والخمسون ، 3 / 143 الباب الخامس والستون . والأبيات منسوبة للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : محمّد النبي أخي وصهري * وحمزة سيّد الشهداء عمّي وجعفر الذي يمسي ويضحي * يطير مع الملائكة ابن امّي وبنت محمّد سكني وعرسي * منوط لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ابناي منها * فأيّكمُ له سهم كسهمي سبقتكم إلى الإسلام طرّاً * غلاماً ما بلغت أوان حلمي وأوجب لي ولاية عليكم * رسول الله يوم غدير خمّ فويلٌ ثمّ ويلٌ ثمّ ويلٌ * لمن يلقى الإله غداً بظلمي قال البيهقي : إنّ هذا الشعر ممّا يجب على كلّ مؤمن أن يحفظه ليعلم مفاخر علي ( عليه السلام ) في الإسلام .