وداود ( عليهم السلام ) يتوجّه إليها الخطاب : ( يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين ) [1] . وهذا الوجه قريب من مشرب بعض العلماء العامّة الذين ذهبوا إلى القول بنبوّة مريم ، وأنّها من الأنبياء العظام ، واستدلّوا لذلك بالخطابات القرآنيّة . وهذا الرأي على خلاف مذهب الإماميّة ، وبطلان دعوى أولئكم بيّن واضح ، قام عليه الدليل والبرهان ، حيث أنّ النّساء مهما بلغن من الكمال في الإيمان لا يكلّفن بتكاليف الرجال ، ولا يمكن أن يأتين بشريعة ، فللرجال تكاليفهم وأحكامهم ومهامّهم ، وللنساء تكاليفهنّ وأحكامهنّ ومهامّهنّ . والأفضل الإعراض عن هذا الحديث والعودة إلى صُلب الموضوع . نقول : إنّ مريم أفضل من جميع النساء ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أفضل من مريم ومن جميع نساء العالمين ، وكثرة التصريح باسم مريم في القرآن لا يدلّ على أنّها أفضل من فاطمة ( عليها السلام ) التي لم يصرّح باسمها في القرآن ، واحتجاب اسمها المبارك واختفاؤه دليل على عظمة ذاتها وشرف حالاتها ، وهي المستورة الكبرى ، كما أنّ ثبوت هذه الفضيلة لفاطمة ( عليها السلام ) لا تنفى علوّ مرتبة مريم ( عليها السلام ) ، وقد ذكرنا علّة ذكر اسمها . ولا يخفى على القرّاء الكرام أنّ القرآن ذكر الزهراء ( عليها السلام ) في آيات عديدة - مفردة ومنضمّة إلى آخرين - وصفها الخلاّق العليم بأوصاف كماليّة وأثنى عليها . وقد استوفى المفسّرون من الفريقَين البحث في هذه الآيات : وذكروا أدلّتهم وشواهدهم على ذلك ، كما في آية التطهير وآية المباهلة وآيات سورة هل أتى ،