والراضي : الذي لا يسخط بما قدّر عليه ويرضى لنفسه بالقليل . وهذا الحديث غاية في الشرف والجلال . واعلم أنّ النفس إذا صارت مطمئنّة ، بلغت زمان الرجوع إلى الحق والخروج من علائق البدن والتوجّه إلى عالم القدس ، فهي حينئذ راضية ومرضية . وهذا الإرضاء ناشئ من الإطمئنان المودع في النفس والاطمئنان يلي مقام الإيقان وهو راشح من ترقّي الملكات الحقّة . ومعنى الإطمئنان أنّ العناية التي تحفّه في الآخرة يراها بالمشاهدة والعيان في دار الدنيا ، أي إنّ عالم الشهود والكشف لديه في الدنيا والآخرة على نهج واحد ، وهو معنى « لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » [1] . قال في المجمع : « النفس المطمئنّة الآمنة من الخوف والحزن أو المطمئنّة للحقّ تعالى » [2] ، قال تعالى : ( يا أيّتها النّفس المطمئنّة * ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة ) [3] . في التفسير عن أهل البيت ( عليهم السلام ) عن الصادق : « النفس المطمئنّة إلى محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والراضية بالولاية والمرضيّة بالثواب ، وادخلي في عبادي أي محمّد وأهل بيته ( عليهم السلام ) » [4] . والخلاصة : إنّ هذا اللقب غاية في تمجيد فاطمة الصدّيقة الطاهرة ( عليها السلام ) ، وقد ظهرت صفة الرضا بنحو الكمال في حبيبة ذي الجلال ، بل اتّحد رضاها برضا الله
[1] البحار 40 / 153 ح 54 باب 93 . [2] انظر مجمع البيان 10 / 355 . [3] الفجر : 27 - 28 . [4] تفسير البرهان 8 / 284 ح 3 .