تسطع في جبين سيّدة نساء العالمين وتظهر لعيون الملأ المشاهدين ، وهذا الخوف يعني الحذر من الغفلة عن العبادات والذهول عن الطاعات ، لئلاّ تكون قد قصّرت في أداء حقّ من له الحق ، فلم تؤدّه كما يستحقّه ، فهل من رجاء في العفو ؟ وهل من توفيق للطاعات في الزمن اللاحق ؟ والأثر الطبيعي للخوف والخشية هو الإرتعاش والاضطراب واصفرار الوجه ، خصوصاً في محضر الربّ القاهر القادر الحاضر النّاظر ، إنّ مناجاته وطلب الحاجة منه مخوف موحش حقّاً ، كما روي عن نساء النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّهنّ كنّ لا يعرفن النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا دخل وقت الصّلاة ، بل هكذا كان كلّ أئمّة الدين والأوصياء المرضيّين ( عليهم السلام ) ، خصوصاً الإمام السجّاد ( عليه السلام ) ، حيث روي أنّه إذا حضرت الفريضة ارتعدت فرائصه واصفرّ لونه [1] . أمّا وقت الغروب : فهو آخر زمان أداء التكاليف والوظائف اليوميّة ، ووقت إقبال الليل والمناجاة مع قاضي الحاجات ، للنشاط والانبساط والسرور الذي يعتريها من قبول الطاعات والتوفيق للعبادات لحضرة ذي الجلال ، يعني أنّها كانت ترى وتلمس بالحس والعيان محبّة الله تبارك وتعالى لها ، فكانت تتوهّج وتهيّج في أعماقها المحبّة الباطنيّة التي تلمسها وتعيشها ، فتتحرّك إلى الله ، وآية المحبّة والشوق احمرار الوجه وإشراق المحيّا ، فشرط المحبّة الحرارة والإشتعال والتوهّج . وهذه الحالات الثلاثة جميعها من لوازم العبوديّة وآثارها ، ولهذا كانت تتجلّى ( عليها السلام ) في محرابها بهذه الأنوار وتسطع بهذه الألوان المختلفة . تو و طوبى و ما و قامت يار * فكر هركس بقدر همّت اوست [2]
[1] انظر البحار 46 / 55 ح 4 باب 5 . [2] يقول : أنت وشجرة طوبى ; ونحن وقامة الحبيب ، إذ فِكر كلّ امرئ على قدر همّته .