ترى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرأف وأحنى وأشفق على ولدها حتّى من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكانت تتعامل معهما وكأنّ أبوهما رحل من الدنيا ، وقد قالت على قبره في رثائه وهي تخاطب الحسنين ( عليهما السلام ) : « أين أبوكما الذي يكرمكما ، وكان أشدّ النّاس شفقة عليكما [1] ؟ » . أجل لقد دفن الجسد الطاهر وأصبحت الدنيا بفقده مظلمة ، والعقبى بنور قدومه مشرقة . وقالت في مورد آخر : من ذا يكون لولدي ؟ ومن ذا يجلسهم في حجره ويقبّلهم [2] . ولا مانع من أن يحبّ الجدّ للأم أولاد ابنته كما يحبهم أبوهم بل أكثر ، بل كانت محبّة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وودّه بالإصالة والنيابة . بل كان من الأدب أن لا يبدي سلطان الولاية أمير المؤمنين حبّه لولديه ما دام الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الخاتم يظهر حبّه . وهكذا كان الحسنان يبديان التعلّق برسول الله ويقبلان عليه أكثر من إقبالهما على أبيهما . وإذا دقّق المتأمّل في ألطاف النبي وأفضاله على الحسنين ، أذعن أنّ محبّة فاطمة الزهراء للحسنين لا تعادل عُشر ما كان يلقيانه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . لذا حقّ لفاطمة أن تذكر محبّة أبيها وشفقته دائماً ، وأن تبكي أبيها كلّ هذا البكاء ، فيبكي بعلها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - بل كلّ أهل المدينة - لبكائها . وكأنّ هذه الرأفة الإستثنائيّة من خواص النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) التي لا تتعدّاه إلى غيره . كيف لا وهو
[1] البحار 43 / 181 ح 16 باب 7 . [2] انظر البحار 22 / 484 ح 31 باب 1 .