وقوله تعالى ( أعوذ بالرّحمن منك إن كنتَ تقيّاً ) [1] أي تخاف الله على أيّ حال . والتقيّ هو مَن يخاف الله ويرى حضوره ويجتنب المعاصي ويتورّع ، قال الطبرسي ( رحمه الله ) : المتّقي من أطاع الله ولم يعصه ، وشكر نعمته ولم يكفرها ، وذكر الله ولم ينسه ، وهو المروي عن الصادق ( عليه السلام ) [2] . وذكر المفسّرون وعلماء الأخلاق معان ومراتب للتقوى لا تنتهي بمقام إلاّ بما قاله النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « اللهم اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة » ، وقد ذكرت تمام مراتب التقوى في قوله تعالى ( ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتّقْه فأولئك هم الفائزون ) [3] . فمن اتّصف بهذه الصفات فهو تقيّ إن كان رجلاً ، وتقيّة إن كان امرأة ، والمعنى واحد فيهما . روي في علّة تلقيب الجواد ( عليه السلام ) بالتقيّ : إنّه اتّقى الله فوقاه الله شرّ المأمون لمّا دخل عليه بالليل وهو سكران فضربه بسيفه حتّى ظنّ أنّه قتله ، فوقاه الله شرّه » [4] . والآن يلاحظ القارئ المتأمّل أنّ الزهراء لم تُلقّب بالتقيّة النقيّة لمجرّد التلقيب والاشتهار بهذا اللقب ، وإنّما كانت هي كلمة التقوى ، وليس في نساء العالمين امرأة مثلها في الخوف والخشية والطاعة والامتثال . وأهل الحقّ والأولياء يزورونها بهذه الصفة ويعرفون أنّها حقيقة التقوى وتمامها .
[1] مريم : 18 . [2] مجمع البحرين 6 / 448 . [3] النور : 52 . [4] البحار 50 / 16 ح 23 باب 1 .