وكان أهل الجاهليّة يهجرون نساءهم أيّام الحيض فلا يضاجعوهنّ ولا يؤاكلوهنّ ، ويخرجوهنّ من بيوتهم صيفاً وشتاء ، وكذلك المجوس - وإن كانوا أسوأ من اليهود والنصارى - إلاّ أنّهم لا يضاجعون نساءهم أيّام الحيض ، فلمّا نزل قوله تعالى : ( فاعتزلوا النّساء في المحيض ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن فإذا تطهّرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله إنّ الله يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين ) [1] . قال اليهود : أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنّا وتعلّم منّا ، لأنّنا نعتزل النساء في المحيض ولا نضاجعهنّ ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّي ما أمرت بإخراجهنّ من البيوت ، وإنّما نهيت عن مباشرتهنّ . وقوله تعالى ( لا تقربوهنّ ) يدلّ على حرمة الوطء قُبُلاً حتّى يطهرهن بالغسل ، وكفّارة الوطء أوّل العادة دينار ، ووسطها نصف دينار ، وآخرها ربع دينار [2] ; والدينار مثقال شرعيّ من الذهب المسكوك بسكّة المعاملة . والنهي عن الوطء أيّام العادة للمنع من اختلاط النطفة وعلوقها بدم الحيض ، وهو يسبّب الحصاة في المثانة ، وفيه أذىً ، قال تعالى : ( يسألونك عن المحيض قل هو أذى ) [3] وتفصيل الكلام في الآية ليس هذا محلّه [4] . وورد في الحديث : أعداءنا أبناء حيض أو أبناء زنا . * * * وعلى أيّة حال : أراد الله ربّ العالمين أن تأتي هاتان السيّدتان إلى الدّنيا
[1] البقرة : 222 . [2] انظر البحار 78 / 117 ح 39 باب 41 . [3] البقرة : 222 . [4] روى العلاّمة المجلسي ( رحمه الله ) في السماء والعالم : « لو وقع هذا الوطء فعلاجه أن يقوم ويتّكأ على اليمين ويبول ويأكل الموميا بماء العسل ليأمن من توليد الحصاة . ( من المتن ) .