في المدينة ، وتكنّت كلّ واحدة من أزواج سيّد الكائنات ب « أُمّ المؤمنين » وافتخرن بأنّهنّ صرن أُمّهات المؤمنين والمؤمنات ، فسألت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لنفسها تشريفاً ومزيّة عليهنّ ، فضمّها النبي المختار إلى صدره كما يضمّ روحه العزيزة الحلوة ، وقبّلها وشمّها وكنّاها ب « أُمّ أبيها » يعني إن كنّ نسائي أُمّهات أُمّتي ، فأنت أعلى قدراً وأجلّ رتبة لأنّك « أُمّي » . ويؤيّد ذلك قوله تعالى في تحريم نكاح زوجات النبي المطهّر ( ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ) [1] حيث أنّ الواضح من هذه الآية الكريمة أنّ أمومة زوجات النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الطاهرات للمسلمين أمومة من جهة التشريف والتعظيم ، وليست أمومةً حقيقة . وذهب العامة إلى أنّ نساء النبي أُمّهات رجال المسلمين دون نسائهم . روي أنّ امرأة من نساء المسلمين دعت عائشة قائلة « أُمّي » فقالت عائشة : إنّي أمّ رجالكم دون النساء ، لأنّ الحرمة وردت بخصوص الزوجات ولا تتعدّى إلى بناتهنّ ، بل يمكن خطبتهنّ والزواج بهنّ ، وكيف يمكن الزواج ببنت الأُم - إذا كانت أمّاً حقيقة - ؟ والخلاصة : كان النبيّ الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعو فاطمة ( عليها السلام ) ب « أُمّ أبيها » ، ومن جهة أخرى كان ينفى أبوّته لأحد ( ما كان محمّدٌ أبا أحدٌ من رجالكم ) [2] ويسمّي الحسنين ( عليهما السلام ) ولده كما في الآية المباهلة [3] من جهة أخرى ، لئلاّ يدّعي أحد غيرهم هذه النسبة وهذا الشرف ، ويسمّي أمير المؤمنين - في نفس هذه الآية - نفسه
[1] الأحزاب : 53 . [2] الأحزاب : 40 . [3] آل عمران : 61 . قال تعالى : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) .