على أنّ السيّدة الصدّيقة كانت الذروة في كلّ شئ . . في العصمة ، والعبادة ، والطاعة لله ولرسوله ولوليّة ، وكانت البنت النموذجيّة ، والزوجة النموذجيّة ، والأُمّ النموذجيّة ، والعابدة النموذجيّة ، والمضحّية النموذجيّة ، وكانت - ولا زالت - معدن الرحمة والرأفة والعطاء وجميع ما يتصوّره الإنسان في الإنسان الكامل . ومع كلّ ذلك تبقى مناقب السيّدة الصدّيقة الشهيدة مميّزة عن غيرها حتّى في نوع الأوسمة التي نالتها - باستحقاق - ولنذكر لذلك مثلاً واحداً : فقد روى الترمذي وغيره في عائشة - لو صحّت الرواية - أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ! ! ! تأمّل في التشبيه - على فرض أنّه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - ثريد . . طعام . . شهوة . وقال في فاطمة : أنّها سيّدة نساء العالمين ، وقال : أنّها روحي التي بين جنبي ، وقال : الحوراء الإنسيّة ، وقال وقال ما شاء الله له أن يقول . . * * * هذا ; وقد اتّفق المسلمون جميعاً على رواية مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) عامّة ومناقب فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) خاصّة ، ولا أدري لماذا يلتزم الكثير برواية ما رواه العامّة - فحسب - ، ولعلّه من باب « من فمك أُدينك » أو « ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم » ، فإنّ الحديث عن المناقب قد يكون لامتناع الخصم فلربّما صحّ هذا المنهج وارتضي هذا المنطق ، على أنّ العامّة والخاصّة متّفقون - في الجملة - على وثاقة رواة الشيعة ، وليس عند خصومهم أيّ دليل على إسقاط رواتهم سوى أنّهم « يتشيّعون » ; وإلاّ فليس ثمّة من يشكّك في وثاقتهم - على العموم - بينما لا يرتضي الشيعة وثاقة أحد من رواة الفريق الآخر إلاّ نادراً ، فلنا أن نحتجّ عليهم بروايتنا أيضاً .