الكبرى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولا يمكن أن تقاس بها بتاتاً . فالمناقب إمّا أن تكون ذاتيّة موهوبة تكريماً من الله عزّ وجلّ ، وإمّا أن تكون مكتسبة تنتج عن السلوك الحسن الذي يستدعي المدح والثناء ممّن يكون مدحه شرفاً وثناؤه منقبة . أمّا النوع الأوّل فلا يمكن أن يقاس بفاطمة أحد من نساء العالمين ، كيف وهي سيّدتهنّ ؟ وهل يقاس السيّد بالمسود ، والمولى بالعبد ؟ ! خذ من شئت من النساء فهل تجدها إلاّ مسودة لسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، وسيتّضح لك ذلك - إن شاء الله من خلال بحوث الكتاب - . ثمّ إنّ الذات الفاطميّة المقدّسة امتازت عن سائر الذوات - نساءً ورجالاً - منذ النشأة الأُولى ، وقد خلقها الله « حوراء إنسيّة » وطهّرها من الرجس ، وجعلها امتداد النبوّة ووعاء الإمامة وصنوا للولاية حتّى لم يجعل لها كفوءاً « آدم فمن دونه » من الأنبياء والمرسلين إلاّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . فلا يمكن والحال هذه أن نبحث في الفرق بين مناقبها ومناقب غيرها من النساء على هذا الصعيد . وأمّا النوع الآخر : فإنّ فاطمة ( عليها السلام ) الميزان الذي تقاس به المناقب ; فمن كانت من النساء أكثر طاعة وخدمة وتسليماً لفاطمة كانت ذات منقبة ; لأنّ الله ورسوله جعلوا رضاهم في رضاها ، وسخطهم في سخطها . فإذا كانت ثمّة امرأة تتطاول إلى نيل وسام من أوسمتهم فلا بدّ لها أن تتقرّب إلى فاطمة وتطيعها وتقتدي بها وتخدمها ، وحينئذ تُمدح ويثنى عليها وتصبح ذات منقبة ; لأنّها دخلت في الدائرة الفاطميّة المقدّسة .