صلوات الله عليها ، لذا يمكن استنباط معان حقّة واستخراج مرادات صحيحة لا تضرّ الصورة الظاهرية والاستعمال الأُولى لهذه الكنية . وبعبارة أخرى ، فإنّ هذه الكنية لم تزد فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) شرفاً ، بل تشرّفت بها ، وقد زانت فاطمة الكنية ولم تزنها ; لأنّ فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هي بنفسها العيشة الراضية المرضية في الدنيا والآخرة ، بل هي منشأ الهناء ومصدره ، وكان أمير المؤمنين - بعلها - يشكر الله على هذه النعمة الموهوبة في دار الدنيا ، حيث عاشا في غاية التلاؤم والانسجام ، ونالا غاية الكمال من اللذائد الروحانية والحظوظ المعنوية الربانيّة التي كانا يتمتّعان بها . على أيّ حال ; فهي أُمّ الهناء باعتبارها الأصل الأصيل والمصدر النبيل للهناء بغضّ النظر عن الآخرين ، بل بالنظر إلى ذاتها فقط . وهي أُمّ الهنا لأبيها ، إذ أنّ الحظّ الأوفر والنفع الأكبر للإنسان في دار الدنيا إنّما هو الولد الصالح ، وكانت له ابنته الطيّبة ، وقد قال لها النبي : « لك حلاوة الولد » [1] ، « قولي يا أبة » [2] فإنّي أفتخر بها و « إنّها أحيى للقلب وأرضى للربّ » [3] ويشهد لذلك تقبيل النبي لها وشمّها شمّاً خاصّاً ينتعش به ، ويجدّد الروح في شامّته الطاهرة والباطنة ، فما كان يراه ويذوقه ويناله من ابنته لم ينله من المأكولات
[1] المناقب لابن شهر آشوب 3 / 379 في حبّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إيّاها ( عليها السلام ) . [2] المناقب لابن شهر آشوب 3 / 367 في مناقب فاطمة ( عليها السلام ) وفيه عن الصادق ( عليه السلام ) : قالت فاطمة : لمّا نزلت ( لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً ) [ النور : 63 ] هبت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن أقول له يا أبة فكنت أقوله : يا رسول الله ، فأعرض عنّي مرّة واثنتين أو ثلاثاً ثمّ أقبل عليّ فقال : « يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر ; قولي يا أبة فإنّها أحيا للقلب وأرضى للرب » . [3] انظر الهامش السابق .