نام کتاب : الحداثة ، العولمة ، الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 247
الوصول إلى الغايات الأخلاقيّة حينما يسنّ القوانين في المجتمع ، ولو بني النظام القانوني على القصاص الحدّي في جميع النزاعات بدون أي مرونة أو عفو أو تعاطي في هذه القضية أو تلك ، فإنّ هذا سوف يؤدّي إلى اختلال نفس ذلك القانون ; لأنّ الحدّية تؤدّي إلى الجفاف ، والجفاف - كما يقال سريع الاشتعال ، وهذا الاشتعال - سواءً بين الأطراف المتنازعة على مستوى الأفراد أو الاُسر أو المجتمعات والدول سيؤدي إلى تأزّم القضية ، وإلى القضاء على القانون الذي ابتعد عن الموازين الأخلاقيّة وألغاها تماماً ، والنفس البشريّة لا تتلاءم مع الانصياع والخضوع للموازين القانونيّة الحدّية التي تستبعد الموازين الأخلاقيّة وتقضي عليها ، إذن فمن المستحيل الاستغناء عن العنصر الأخلاقي في الموازين القانونيّة ، وأنّ هذا العنصر هو الذي يساهم في حفظ استقرار القانون وحمايته ، ومع هذا نقول : إنّه ليس من الضروري أن يؤمِّن القانون جميع الدرجات في الموازين الخلقيّة ، بل أنّه قد يبتعد بنسبة معيّنة حسب متطلّبات القضية ، وهذا الأمر مسلّم به عند علماء المسلمين . العفو والإعراض في القرآن الكريم يعتبر الإسلام ، بل حتّى الديانات الاُخرى ، أنّ الرفق واللين والرويّة والتعقّل والحلم والحوار هي الأصل في قوانين الإسلام على المستوى الاجتماعي والفردي ، ففي الآية الكريمة التي يعبّر عنها المفسّرون أنّها من التوصيات القانونيّة التي أوصى بها الله تعالى نبيّه في القرآن الكريم ، وهي قوله تعالى : * ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) * [1] ، فقوله : * ( خُذِ الْعَفْوَ ) * أي : أنّ العفو ركيزة أساسية رئيسيّة في سيرة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) القانونيّة والسياسيّة والقضائيّة والإجرائيّة والتشريعيّة ، و * ( خُذِ الْعَفْوَ ) * إذا كان للعفو سبيل ، وهذا الأمر إلزامي من الله لنبيّ الرحمة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمّا قوله