نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 9
طلبهم منه لذلك ، فيمتنع ويعصمه الله منه ، ولقد قال صلى الله عليه وسلم ما هممت بشيء ما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين ، عصمني الله فيهما . وكلما دنوت من صنم لهم يصيح في رجل : امض وراءك فما قربت منه ، حتى كان أفضل رجال قومه مروءة وأحسنهم خلقاً وجواراً ، وأكرمهم حسباً ، وأعظمهم حلماً ، وأصوبهم حديثاً ، وأبعدهم من كل خلق دنيء ، حتى لا يسمى في قومه إلا الأمين لما شاهدوه من أمانته وصدقه وطهارته وصفاته العالية التي لم يشركه أحد من خلق الله فيها . واستصحبه عمه - وهو ابن اثنتي عشرة سنة - إلى الشام ، لما جاء بصري ورأى منه بحيري الراهب ما دل عليه ، أنه النبي المرسل خاتم الأنبياء ؛ أمره بالرجوع به إلى بلاده ، ففعل . وبعد عشرين سنة من مولده أو دونها حضر مع عمومته حرب الفجار ورمى فيه بأسهم ، وحلف الفضول ، الذي عقدته قريش على نصر كل مظلوم بمكة . وكان صلى الله عليه وسلم يرعى غنم أهله بأجياد على قراريط ، ثم مضى الشام أيضاً مع ميسرة ، فتى خديجة ابنة خويلد بن أسد في تجارة لها ، فرأى مما خصه الله به ما يسترشد به المتنبه ، فلما عاد حدثها به . وكانت امرأة حازمة لبيبة شريفة ، فرغبت في تزوجه لها ، فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة وهي ابنة أربعين ، فكانت له وزير صدق ، وعبيرة مسك ثم بعد مضي عشر سنين ، أخذت قريش في بناء الكعبة لأمر اقتضاه ، فاختلفت قبائلها فيمن يضع الحجر الأسود ، فاختاروه ، فأشار ببسط ردائه على الأرض فوضعه عليه ، وترفع كل قبيلة طرفاً منه ، ففعلوا ذلك ، فلما انتهوا به إلى محله أخذه الأمين المكين بيده الميمونة ، فوضعه ، وذلك يوم الاثنين . ولما انتهى صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة جاءه جبريل عليه السلام في يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول ، وهو بغار حراء ، إذ كان يخلو به ، فيبتعد فيه ، فأقرأه أول سورة العلق فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده . ودخل على خديجة ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم أعلمها بالخبر ، وقال لها لقد خشيت على نفسي ، فقالت له : أبشر ، كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد . فأعلمه بما أعلمها به ، فقال له هذا هو الناموس الذي أنزله الله تعالى على موسى عليه السلام وآمن هو وخديجة به ، وقال إن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً . ثم لم يلبث ورقة أن توفي . وفتر الوحي ، فلما كان بعد أشهر أنزل الله عز وجل عليه " يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ
9
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 9